الاهرام
يُشار إلى أن نهر النيل شريان الحياة لمصر، فهو مصدر المعيشة والزراعة والازدهار لآلاف السنين. ويستمد من نهر النيل ما يقرب من 97% من مياه مصر العذبة. يشكل سد النهضة الإثيوبى مصدر قلق كبير بالنسبة لمصر، لأنه قد يقلل من تدفق شريان الحياة الرئيسى لها، نهر النيل. صحيح أن سد النهضة مصدر قلق، إلا أن مشاكل المياه فى مصر تعود أساسًا إلى النمو السكانى الذى زاد من الطلب على المياه، وتغيُّر المناخ الذى أثر على تدفق نهر النيل.
ومع ذلك، تعمل مصر اليوم بلا كلل على استصلاح المناطق الصحراوية لتوسيع قدرتها الزراعية ومناطقها الصالحة للعيش من خلال تحسين استخدام جميع موارد المياه. شرعت مصر فى مهمة طموحة لاستصلاح أراضيها الصحراوية، وتحويل الأراضى القاحلة إلى مراكز حضرية وزراعية مزدهرة. أحرزت مصر تقدمًا فى هذا المجال من خلال العديد من المشاريع المترابطة للخروج من الوادى الضيق. ومن أهمها مشروع الدلتا الجديدة. يهدف هذا المشروع إلى الاستفادة من كل قطرة ماء وتحقيق أعلى إنتاجية مع إنشاء مجتمعات جديدة وجذب سكان الدلتا القديمة، حيث يسعى إلى زراعة ما يقرب من 4 ملايين فدان
تقع الدلتا الجديدة غرب دلتا النيل، فى الصحراء الغربية، جنوب العلمين. ووفقًا لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، «يعادل مشروع الدلتا الجديدة مساحة أربع إلى خمس محافظات مصرية، ومن المتوقع أن يوفر نحو 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة». كما سيضيف المشروع 15% من الأراضى المزروعة الجديدة إلى القاعدة الزراعية الحالية فى مصر
يُعد نقل المياه إلى المنطقة أمرًا بالغ الأهمية. ستأتى المياه من مصادر متنوعة، بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر، المياه المُعالجة من مياه الصرف الزراعى، والمياه المُوفرة من مشروع تبطين القنوات. كان مشروع تبطين القنوات القومى مبادرة واسعة النطاق ركزت على تبطين قنوات الرى والجداول فى جميع أنحاء مصر. وقد وفّر المشروع مليارات الأمتار المكعبة من المياه التى كانت تُهدَر سابقًا بسبب تسرب المياه إلى التربة المحيطة لتُسهم فى موارد المياه اللازمة لمشروع الدلتا الجديدة
ثانيا يشمل المشروع بناء القناة الشمالية، التى يُطلق عليها البعض «أكبر قناة نهرية اصطناعية فى إفريقيا». وهو ممر مائى بطول 174 كيلومترًا، سينقل 7.5 مليون متر مكعب من مياه الصرف الزراعى من مناطق الدلتا القديمة إلى محطة معالجة لمعالجتها وإعادة استخدامها
يعتمد مشروع الدلتا الجديدة على إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى المُعالَجة، حيث سيُعيد استخدام المياه القادمة من 55.000 كيلومتر من القنوات والمصارف. وستُوجَّه مياه الصرف الزراعى إلى محطة معالجة مياه الدلتا الجديدة، التى تُبنى فى نهاية شبكات الصرف الزراعى، عبر القناة الشمالية
على هامش ذلك، تُعدّ محطة معالجة مياه صرف بحر البقر، القريبة من بورسعيد، واحدة من أكبر محطات معالجة مياه الصرف الزراعى فى العالم، بطاقة استيعابية تبلغ 5 ملايين متر مكعب يوميًا، بطول 105 كيلومترات. فى عام 2021، تم الانتهاء من المحطة، وهى الآن توفر المياه المعالجة لرى 342 ألف فدان فى سيناء
يؤكد الدكتور فاروق الباز، العالم والجيولوجى المصرى الأمريكى، جدوى التوسع فى الصحراء الغربية. ووفقًا للباز، «تاريخيًا، شهدت الصحراء الغربية هطول أمطار غزيرة قبل وجود نهر النيل، مما أدى إلى تراكم الرواسب الغنية بالمعادن والمغذيات للتربة، بالإضافة إلى المياه الجوفية المخزنة من تلك الفترة. لذلك، لدينا بيئة مثالية للزراعة». مبادرة حفر آبار المياه فى الصحراء قد حولت آلاف الأفدنة القاحلة إلى أراضٍ زراعية منتجة. واليوم، تمتد الأراضى الزراعية الخصبة عبر الصحراء الغربية فى مصر بفضل الآبار المحفورة هناك. شركة زبيك الصينية تعمل فى مصر منذ عام 2016، وتركز بشكل أساسى على حفر آبار المياه لدعم التنمية الزراعية. وقد تم حفر أكثر من 680 بئرًا فى جميع أنحاء البلاد، من سيناء إلى أسوان
تُمثل خطوات مصر الجريئة لاستصلاح صحرائها فصلًا جديدًا فى مسيرتها التنموية. ومع إعادة تشكيل رمال الصحراء إلى مساحات حضرية وزراعية مزدهرة، تتحقق رؤية مصر لاستصلاح الصحراء بثبات
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى