الاهرام اليومي بقلم د.عزة رضوان صدقي
فاجأت السفيرة الأمريكية للأمم المتحده نيكى هيلى البيت الأبيض والعالم باستقالتها من منصبها تاركةً وراءها تساؤلات وتنبؤات كثيرة عن مستقبلها السياسى وعما إذا كان قد نزل الستار على محاولتها التحكم فى سياسة الولايات المتحده ودول العالم أجمع أم أن استقالتها بدون سابق إنذار هى تكتيك استراتيجى يعبر عن طموحات دفينة. وإذا كانت النية عند هيلى الرجوع كقوة غامرة فيما بعد، فلابد أن يدرك العالم خطورة هيلى وأسلوبها الفج فى ممارسة السياسة
أشك أن نيكى هيلى قد راحت فى الوباء، بل العكس صحيح فهى تخطط تخطيطًا قد يمنحها فرصًا مستقبلية مميزة. حتى أسلوب استقالتها قد كسر قواعد الاستقالات التى عهدناها فى عهد الرئيس ترامب, فقد قدمت استقالتها بمحض إرادتها وبدون وجود خلاف أو نزاع وأيضا وهى فى أوج حالاتها وشهرتها، ولم تستقل فجأة بل أعطت ترامب فرصة وفيرة لملء منصبها ووعدت بالبقاء كسفيرة أمريكا فى الأمم المتحدة حتى أوائل 2019. هذا يعنى أن هيلى تخطط للقادم
مند نعومة أظفارها وهيلى تتخطى الصعوبات وتدفع بعرض الحائط كل ما يقف أمامها وتنتزع الفرص للوصول إلى هدفها حتى أصلها الهندى وانتماء أهلها إلى الديانة السيخية لم يعرقلها، وهذا -إذ يحد من سقف طموحات البعض- لم يقف فى طريقها وإن كانت قد اعتنقت المسيحية على الأرجح لإزالة أى عراقيل قد تقف فى الطريق التى مهدته لنفسها. هيلى سياسية بارعة وبسرعة فائقة أصبحت محط أنظار الجميع فى الأمم المتحدة حتى وإن كان ذلك لتشددها تجاه كل من لا ينحاز إلى الولايات المتحده وإسرائيل وشراسة آرائها تجاه من لا يعنيها. على سبيل المثال فعندما أقدم الرئيس ترامب على اعتبار القدس عاصمة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، تقدمت مصر إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يدين إعلان القدس عاصمة إسرائيل. آنذاك، فى سابقة تعتبر الأولى من نوعها، أرسلت هيلى رسائل إلى البعثات الدبلوماسية تهددهم بأن أمريكا سوف تدوِّن أسماء البلاد التى سوف تصوِّت مع قرار إدانة نقل السفارة. وكان هذا دائما وأبدا الأسلوب الذى يرفعها فى أعين بعض الأمريكان ويسقطها فى أعين بقية العالم. وقد دافعت هيلى مرارا عن الرئيس ترامب حتى وإن كانت لا توافقه الرأى أو الموقف, فعندما ضحكت وفود الأمم المتحدة على الرئيس ترامب، أكدت هيلى أن الوفود تحترمه بشدة وتعجب بصدقه المعهود، بل أكدت أن الوفود كانت تصطف حوله أملا فى أن يلتقطوا الصور معه. إلى حد ما هذه الكلمات إيجابية تجاه رئيس الدولة ولكنها تثبت نظرية أن هيلى تسعى للمزيد وتبغى تأييد الشعب الأمريكى تارة فى احترامها لشخص الرئيس وتارة بالدفاع عن أمريكا وتارة بقوة الرد. التنبؤات والتوقعات لهيلى عديدة. فالبعض يقول إن هيلى تركت منصب الأمم المتحدة لأن الرئيس ترامب تخطاها عدة مرات بشغل منصب وزير الخارجية الأمريكية بأشخاص آخرين وهى كانت الأجدر بهذا المنصب. والبعض الآخر قال إن على الديمقراطيين أن يقلقوا لأن نيكى هيلى ستكون فى البيت الأبيض فى 2024. فى حين أن هيلى قد أعلنت رسميا أنها لن تخوض معركة الرئاسة فى 2020 بل ستقف بجانب الرئيس ترامب وإنما لم تحدد نيتها لمعركة 2024. عموما فالبيت الأبيض ليس بمستحيل على هيلى لأن فى 2024 ستكون هيلى قد بلغت من العمر 52 سنة فقط
ماذا يجنى العالم وبالذات العالم العربى من خروج أو مكوث نيكى هيلى فى طى الضوء السياسي؟ أولا كانت قد أعلنت هيلى فى كثير من المناسبات وبالذات فى الإيباك (اللوبى الأمريكى الصهيوني) أنها تفخر بأن «الولايات المتحده ستقف دائما فى صف إسرائيل ولن تجعلها تشعر بأنها مكروهة أبدا». وقد ناشدت هيلى قطع المعونة عن الفلسطينيين قائلة «إنهم يستمرون فى إهانة الولايات المتحدة» وفى زيارة للقدس ذرفت هيلى الدموع عدة مرات متأثرةً بما حدث لليهود فى الهولوكوست، وبالطبع فهى لم تتأثر بما يحدث للأطفال فى غزة. وحزن نيتانياهو لاستقالة هيلى واعتبارها خسارة فادحة إثباتا بأن هيلى تشجع الدور الذى تلعبه إسرائيل فى تحديد مسار الاتجاه السياسى للولايات المتحدة. السياسة الأمريكية لن تتغير باستقالة هيلى ولكن هيلى كانت بمثابة الصوت المسموع الذى ضرب عرض الحائط بمبادئ الدبلوماسية المعهودة، فقد قالت هيلى يوما ما إنها تلبس الكعب العالى ليس للموضة ولكن «لركل كل الخاطئين» وبالذات من يعادى إسرائيل. نيكى هيلى ليس لديها نية البعد عن السياسة بل العكس صحيح فستبقى قوة سياسية عارمة حتى تنتزع المنصب القادم من بين أنامل الآخرين, وعلى الجميع أن يدرك طموحات هيلى ويحذر ما قد يحدث فى عهدها خاصة بالنسبة للعرب
لمزيد من مقالات ◀ د. عزة رضوان صدقىرابط دائم:
via www.ahram.org.eg
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.