نسخة من هذه المقاله ظهرت في الاهرام اليومي ٩ مارس ٢٠١٩
بقلم د. عزة رضوان صدقي
بينما مصر تحارب إرهابا متعجرفا شديد الوحشية، وفى الوقت ذاته تمضى قدما فى طريق البناء والتقدم، تتربص وكالات الأنباء الغربية ومنظمات حقوق الإنسان بها وتحاول باستماته إعادتها إلى ذروة الفوضى بتقليص الإنجازات والمبالغة فى السلبيات. ومع اقتناعى بإرادة الشعب المصرى إلا أننى كلما قرأت المناورات والأساليب الملتوية لجذب العداء تجاه بلادنا قلقت بشدة، فهى حملة شديدة التوجه وشديدة الرنين فى الآذان داخل مصر وخارجها، لذا وجب الحذر ممن يتوعد مصر
دعونا نركز على حدث واحد. بعد تنفيذ حكم الإعدام فى مرتكبى جريمة اغتيال النائب العام هشام بركات انهمرت الاتهامات وتعالت صيحات التشكيك فى صحة الحكم وتنفيذه. قالوا: إن إعدام أو إدانة أشخاص استنادا إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب ليس عدلا. أما منظمة أمنستى إنترناشونال فقالت: إعدام تسعة رجال بعد محاكمة غير عادلة وصمة عار هائلة
إنهم يدافعون عن القتلة ويسخرون من القضاء المصرى ويعيبون فى الجيش المصرى الذى استمات فى محاربة الإرهاب. هذا هو حال لسان كثير من الإعلام الغربى والمنظمات الحقوقية الذين باتوا يؤكدون يوما بعد يوم أنهم يتربصون تربصا واضحا بمصر
وتساءل البعض الآخر: حقيقة أن النظام المصرى يستطيع تنفيذ تسع عمليات إعدام قبل أيام قليلة من أول قمة أوروبية ــ عربية تشهد على تمتع السيسى بدعم كامل من جميع القادمين إلى شرم الشيخ، الزملاء المستبدين من العرب ورؤساء الاتحاد الأوروبي للقمع الوحشي للطبقة العاملة المصرية"
وحسب هذا التفكير السطحى يكون جميع القادمين إلى شرم الشيخ لا تعنيهم حقوق الإنسان وجميعهم يقبلون قمع المصريين. العكس صحيح.. إن حضور هذا الكم من كبار الشخصيات فى أول قمة أوروبية عربية ثبت تقدير دور مصر وأيضا تقبل الجميع لأسلوب إدارة البلاد. حيث اشترك قادة 21 دولة أوروبية، بمن فيهم أنجيلا ميركل وتيريزا ماى ورئيس المجلس الأوروبى فى القمة كذلك مبعوثون وقادة من 21 دولة عربية وأيضا 750 مراسلا أجنبيا وعربي
إن عقوبة الإعدام فى حد ذاتها تثير الجدل بين التأييد والمعارضة، وأنا شخصيا أكنُّ لها عداءً شديدا، ولو أن هذه الوكالات قد كرّست هجومها على الإعدام كوسيلة عقاب، لكنت تقبلت الهجوم، ولكن أن يسترسلوا فى التشكيك فى الحكم ونزاهة القضاء وأسلوب التعامل مع المذنبين مع اختلاق أكاذيب وتجاهل بشاعة الذنب لابد أن يثير انتباهنا لما وراء هذا الهجوم. هناك ازدواج فى المعايير، حيث إن 30 ولاية أمريكية تعتبر الإعدام قانونيا ولم يجرؤ أيٌ من منظمات حقوق الإنسان على مجابهة هذه الولايات.
عندما يسأل الرئيس المصرى عن حقوق الإنسان، دائما وأبدا يتكلم عن حق الإنسان فى التعليم والصحة والإسكان وحقه فى العيش فى دولة آمنة ومستقرة. وردا على موضوع سجن المدونين الذى أثاره الرئيس ماكرون أثناء زيارته مصر، قال الرئيس: تسألنى عن حق المدوِّنين وأنا أسألك عن كيفية توظيف مليون خريج فى السنة. وفى القمة الأوروبية ــ العربية قال: «أنتم مش ها تعلمونا إنسانيتنا، فلدينا إنسانيتنا وأخلاقياتنا، كما لديكم، وعليكم أن تحترموها كما نحترمها لديكم». ثم قال: فى حالة حدوث عمل إرهابى واحد تتحول المدينة (شرم الشيخ) إلى أشباح لثلاث أو أربع سنوات تالية، ولذا فإن حجم التحدى فى مصر ومجابهته يعد كبيرا
وبينما «تولول» المنظمات على ما يحدث بالقاهرة متجاهلة تماما جميع الإنجازات، تتباهى منظمة حقوق الإنسان، هيومان رايتس وواتش، بما تحققه قطر.. وتقول: انضمت قطر إلى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كذلك وقّع أمير قطر قانون لجوء اللاجئين فى منطقة الخليج، «وأصدرت (قطر) قانونا بشأن الإقامة الدائمة لأطفال النساء القطريات المتزوجات من رجال غير قطريين». قد يقال إن هذه إنجازات، ولكنها لا تضاهى الإنجازات التى حققتها مصر لمواطنيها التى يرفض ذكرها هؤلاء إثباتا أن بعض المنظمات ما هى إلا أداة دعائية متعاونة مع الدول والشركات الداعمة، ولكن للأسف يدوِّى نفوذ هذه المنظمات فى العالم.
هؤلاء لا يعنيهم أن مصر فى حالة حرب شرسة أمام عدو غير مرئى، وفى حرب أيضا ضد اقتصاد متدهور وفساد عفن وبنية تحتية متهالكة، لذا وجب الحزم مع من تسوِّل له نفسه الضرر بمصر، ولا يلفت انتباههم العمل الجاد الدءوب لإقامة الدولة من مشاريع ضخمة توظف ملايين الشباب، وحملات صحة تنقذ حياة الملايين أيضا، وبنية تحتية تتطور، وتعليم يتقدم. لابد أن نستعيد ثقتنا فى بلادنا، مع اتخاذ الحذر من مَنْ يسعى إلى اختلاق الفتن وعدم المبالاة بهذه التشنجات والحملات التى يشنها الإعلام الغربى ومنظمات حقوق الإنسان حتى لا يفلت زمام الأمان من أيدينا. وحدتنا الوطنية هى التى تحمينا من شر هؤلاء
لمزيد من مقالات د.عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.