الاهرام اليومي ٢٨ ديسمبر
بقلم عزة رضوان صدقي
في قمة لجنة الشئون الامريكية الاسرائيلية العامة (الايباك) اخبر الرئيس ترامب الحاضرين ان اسرائيل لم يكن لها صديق افضل منه في البيت الابيض لانه, علي عكس سابقيه, حقق وعوده. بطريقته الصريحة والمباشرة ربما يكون الرئيس ترامب قد صاغ الحقيقة بوضوح صارخ
وعد الرئيس ترامب أثناء حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ودُعِّم على الفور من قبل اللوبي الإسرائيلي. على سبيل المثال، تبرع شلدون أدلسون، الذي تبلغ ثروته حوالي 37,9 مليار دولار أمريكي، بـ 30 مليون دولار لحملة ترامب الرئاسية، ثم تبرع لاحقًا بمبلغ 100 مليون دولار للحزب الجمهوري. خلال قمة الأيباك هذه، ظهر كلٌ من شيلدون أدلسون وزوجته، ميريام أدلسون، على المسرح للترحيب بالرئيس الأمريكي. في ترحيبها بالرئيس ترامب، قالت أدلسون إن التاريخ اليهودي سيسجل الدور الذي يلعبه ترامب من أجل إسرائيل، وذلك حتى قبل اكتمال ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة
منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة والرئيس ترامب يشد أزر دولة إسرائيل ويشجِّع سياستها المتمثلة في تجاهل الشرعية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. قرارت الرئيس ترامب تجاه إسرائيل أكسبتها نفوذا وحقوقا أكبر بكثير مما كانت إسرائيل تحلم به، كما أنها أضفت الشرعية على المخالفات الإسرائيلية. من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية مصممة على تأمين أكبر قدر ممكن لإسرائيل في أقصر فترة زمنية، حتى أن الثلاثه مليارات دولار التي تتلقاها إسرائيل في شكل مساعدات عسكرية تعدُّ ثانوية إذا ما قورنت بموجة القرارات المؤيدة لإسرائيل التي أعلنتها إدارة ترامب
في عام 2017 حافظ ترامب على وعده واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في عام 2018. في نفس الوقت أغلقت الولايات المتحدة مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن للضغط عليها لقبول خطة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة. افترضت الولايات المتحدة وإسرائيل أن الدول الأخرى سوف تحذو نفس الحذو وتصبح القدس هي مركز جميع السفارات، ولكن الدولة الوحيدة التي تبعت الولايات المتحدة كانت جواتيمالا، بل أدانت معظم الدول نقل السفارة إلى القدس واعتبرته سببا آخر لتفاقم الأوضاع في المنطقة
في محاولة أخرى لتعزيز حقوق إسرائيل في اغتصاب الأرض، في مارس 2019 على نفس غرار القدس، اعترف الرئيس ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة. حتى وإن لم يعترف العالم بهذا القرار ولم يسانده، فقد شرّع الرئيس ترامب بهذا القرار الاحتلال متجاهلا مجلس الأمن وقراراته عن مرتفعات الجولان
في تحوُّل عدواني خارق آخر اعترفت الولايات المتحدة بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. كان الموقف الأصلي للولايات المتحدة هو أن المستوطنات تتعارض مع القانون الدولي. لكن فجأة وبدون أسباب واضحة أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أنه "بعد دراسة جميع الجوانب القانونية بعناية، قررنا أن إنشاء المستوطنات المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي". بموجب القانون الدولي لا يحق للمحتل البناء على الأراضي المحتلة ولكن بموجب هذا القرار عزّز ترامب احتلال إسرائيل للضفة المحتلة وثبّت أقدام إسرائيل بها وأعطاها الشرعية. آنذاك قال نتنياهو متعجرفا "اليوم تبنّت الولايات المتحدة سياسة مهمة، عدّلت خطأ تاريخيا عندما رفضت إدارة ترامب بوضوح الادعاء الخاطئ بأن المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة غير شرعية بطبيعتها بموجب القانون الدولي
وها هو يقدم حقا آخر على طبق من الفضة لإسرائيل. وقّع الرئيس ترامب أمرا تنفيذيا يُعرِّف اليهودية على أنها عرق أو جنسية وليس فقط ديانة، في محاوله لتعزيز قانون ضد حوادث معاداة السامية في حرم الجامعات، وحجب دفع الأموال الفيدرالية إلى المؤسسات التعليمية التي تفشل في مكافحة العنصرية. لكن الهدف الواقعي من هذا القرار هو تجريم المتحدثين بالحق الفلسطيني باعتباره معاداة للسامية
وقوف الرئيس ترامب المطلق مع إسرائيل يضمن تفوقها وهيمنتها في المنطقة ويعطيها حق الاستيلاء وانتزاع الأرض. في مواجهة الانتخابات الإسرائيلية الصعبة السابقه تعهّد نتنياهو بضم ثلث الضفة الغربية إلى إسرائيل، وبعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حيث ناقشا ضم الضفة الغربية المحتلة، أعلنها بقوه "إن إسرائيل لها الحق الكامل في ضم غور الأردن إذا اختارت ذلك". يهيمن الأمر الواقع على جوهر هذا التسلسل من التصرفات: القوي يفوز والضعيف يخسر ولا وجود للشرعية أو العدالة أو الحق، لأن القوي سيشرِّع الخطأ ويحلِّله. تقول ديانا بوتو، محامية حقوقية فلسطينية كندية: "لم يبق شيء للفلسطينيين، وهذا ما تريده إسرائيل - يريدون منا أن نرحل
بالتأكيد سوف يساند ويموِّل اللوبي الإسرائيلي الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة، وبما أن نفوذ اللوبي شديد القوة، فسوف يؤثر تأثيرا جذريا على الانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة. هل يمكن وقف المسار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية؟ هل يمكن التوصل إلى حل سلمي وصحيح بشأن القضية الفلسطينية؟ إني أشك في ذلك
"!!!أتفق مع نتنياهو عندما قال للرئيس ترامب، "لم يكن لإسرائيل صديق أفضل منك