الاهرام ٣١ اكتوبر ٢٠٢٠
بقلم عزة رضوان صدقي
بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سواء كان الرئيس الحالي دونالد ترامب أم مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، فإن الاضطرابات ستكون حتمية ووخيمة في الولايات المتحدة
منذ وفاة جورج فلويد على يدي ضابط الشرطة في مايو ٢٠٢٠ شهدت الولايات الأمريكية الخمسين مظاهرات عنيفة في وقت أو آخر. منذ ذلك الحين سادت الاضطرابات التي غالبا ما تحولت إلى أعمال شغب في شوارع الولايات المتحدة. من ناحية أخرى قام العنصريون البيض بأعمال عنف انتقامية. كلا الفريقين على أهبة الاستعداد للاشتباك. فبينما تصاعدت العنصرية الممنهجة وأعمال العنف من الجماعات اليمينية المتطرفه ضد السود، تحول العديد من احتجاجات "حياة السود مهمة" إلى أعمال نهب وعنف. إنها صورة قاتمة للوضع الأمني الحالي في الولايات المتحدة
ستعمل الانتخابات الرئاسية على ترسيخ هذه البيئة السلبية وستكون نافذة أخرى لمزيد من العنف والتمرد. وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات ستحتج مجموعة أو أخرى عليها. كما تلعب التركيبة السكانية دورا مهما في ميول الناخبين الأمريكيين، وسوف يصوِّت العديد من الناخبين البيض لترامب وسيصوِّت العديد من السود واللاتينيين والآسيويين لبايدن لتقسَّم البلاد بشكل واضح مجموعة ضد الأخرى. بالطبع أن تكون دولة مقسمة عرقيا هو أمر في غاية الخطورة
دعونا نقيِّم السيناريوهات المختلفة التي قد تحدث في نوفمبر، السيناريو الأول: يفوز ترامب في الانتخابات. سيتبع هذا السيناريو مشاهد مشابهة لتلك التي حدثت بعد فوز ترامب في انتخابات ٢٠١٦. فالكارهون لترامب آنذاك مازالوا يكرهونه بشدة اليوم، وبالتالي ستتخذ الاحتجاجات منعطفًا أكثر تنافرًا. ففي عام ٢٠١٦ اندلعت مسيرات مناهضة لترامب وخرج الآلاف إلى الشوارع في عشرات المدن الأمريكية للاحتجاج على فوزه كما تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف، حيث ألقى المتظاهرون الحجارة والزجاجات على ضباط الشرطة ودمروا سيارات الشرطة، كما اعتُقل المئات. واستمرت المسيرات لعدة أيام في مدن عدة من الولايات المتحدة. رد الفعل سيكون مماثلا في ٢٠٢٠. في الوقت نفسه سيحتفل محبو ترامب باستبدادية وعجرفة والنتيجة بالطبع هو اصطدام المجموعتين.
السيناريو الثاني هو فوز جو بايدن، وهو سيناريو أسوأ وعواقبه وخيمة على الشارع الأمريكي. فالمتطرفون البيض سيعتبرون خسارة ترامب بمثابة خسارة كبيرة لهم، فالغضب وعواقبه مؤكدة في هذا السيناريو أيضا
والرئيس ترامب لم يخفِّف من وطأة كل هذا، فبعد عدة حوادث اصطدام رفض ترامب إدانة البيض الذين انتهكوا القانون. فعندما أطلق كايل ريتنهاوس النار على ثلاثة متظاهرين مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة الثالث، خرج ترامب ليقول "كان ريتنهاوس يحاول الابتعاد عنهم وسقط ثم هاجموه بعنف. أعتقد أنه كان في وضع صعب، وربما كان سيقتل"، معللا تصرف القاتل. وفي المناظرة الرئاسية في أوائل أكتوبر سأل المعلق الرئيس ترامب عما إذا كان على استعداد لإدانة الميليشات البيضاء، وراوغ الرئيس بعض الشيء ثم طلب من المجموعات "الوقوف مؤقتا للتدخل لاحقا"، وهذه المقولة ليست بمثابة إدانة بل دعوة للمجموعات للمهاجمة فيما بعد. كما هدد ترامب بعدم التنازل إذا خسر، وقال "سننتظر لنرى ما سيحدث"، وفي أحد التجمعات الانتخابية لترامب قال مازحا إنه إذا فاز بايدن "ربما سأضطر لمغادرة البلاد". لقد كانت مزحة، ولكن كيف يرى أتباعه هذه الملاحظة غير الحكيمة؟
من ناحية أخرى زاد عدد عمليات القتل على أيدي العنصريين البيض والمتطرفين اليمينيين في الولايات المتحدة منذ انتخاب ترامب رئيسا في عام ٢٠١٦. وقد أكدت العديد من الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي ارتفاع مبيعات السلاح خاصة للمشترين الجدد وسط مخاوف من العنف واضطرارهم للدفاع عن أنفسهم. لذا لم يكن مايكل كابوتو المعيّن الصحي من قبل ترامب بعيدا جدا عن الحقيقة عندما قال عندما يرفض ترامب التنحي عن منصب رئيس الدولة بعد حفل تنصيب بايدن سيبدأ إطلاق النار. فإذا كنتم ممن يمتلكون أسلحة فاشتروا الذخيرة من الآن سيداتي وسادتي لأنه سيكون من الصعب الحصول عليها آنذاك
السيناريو الثالث هو فوز بايدن بهامش ضيق أو تكون النتائج قريبة جدا بين المرشحين بما يكفي للطعن فيها. عندها قد ينفذ الرئيس ترامب وعده ويرفض التنازل عن الرئاسة وعندئذ سيصيب الشارع الأمريكي بتوتر شديد وسينفجر العنف
السيناريو الرابع هو إذا حقق بايدن انتصارا كبيرا على ترامب في الانتخابات، في هذه الحالة سيتعين على الرئيس ترامب التنازل وقبول الهزيمة. الاحتمال غير الأكيد أن يتقبل ناصرو ترامب الوضع، إلا أن هذا التنازل غير مضمون والاحتمال أن يظل مؤيدو ترامب على عهدهم ويستمر العنف
لطالما نظر العالم إلى الولايات المتحدة على أنها بلد الحريات وتضامن الأعراق والتعايش في وئام وحيث يهاجر الملايين لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه في مكان آخر في العالم والاستمتاع بتحقيق الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان. هذه الصورة تتآكل وتتبدد سريعا اليوم
يراقب العالم اليوم الوضع في الولايات المتحدة بقلق وعدم ارتياح فما يحدث في الولايات المتحدة كثيرا ما يؤثر على العالم أجمع