٥ مايو ٢٠٢٢
تشويه خريطة مصر
خرائط مصر التي تروج علي جوجل والمنصات الأخرى تشّوه الحقيقة. ندعو السلطات المصرية لمتابعة هذا الأمر وندعو محركات البحث, وجوجل على وجه الخصوص, إلى الالتزام بالخريطة المصرية الأصلية
الاهرام ١٤ نوفمبر ٢٠٢٠
بقلم عزة رضوان صدقي
هل تتلاعب محركات البحث مثل جوجل وغيرها بوجهات نظر الباحثين؟ هل يوجه من يستعين بهذه المحركات لرؤية المحتوى بشكل مختلف؟ فعلا هذا أمر واقع وخريطة مصر مثال على ذلك
في عصرنا هذا تغمرنا وسائل البحث الإلكتروني بالمعلومات ويتم الرد على استفسارات الباحثين في لحظات وجيزة نظرا للاعتماد على طرق البحث الحديثه للإجابة على جميع التساؤلات، فليس من المبالغة القول إن جوجل قد اخترق حياتنا وبدّل من أسلوبنا في جني المعلومات تماما. وتوجد العديد من محركات البحث الأخرى ولكن جوجل هو الأكثر انتشارا في كل مكان
لا يمكن إنكار أن جوجل عن طيب أو سوء خاطر يلعب دورا شديد الخطوره فيما يؤخذ بعين الاعتبار ويُسلّم به. يظن الجميع أن جوجل على حق دائما ولا يخطئ أبدا.. أليس كذلك؟ ولكن هذا ليس بالضرورة صحيحا. إذا افترضنا طيب النية فجوجل يستجيب للاستفسارات بالإجابة بما هو في أعلى مرتبة في البحث وأكثرها طلبا، وبما أن الباحثين لا يتمعّنون في الردود القليلة المستدرجة، فيصبح الأول منها هو الإجابات الصحيحة والمقبولة من قبل الجميع. فمثلا إذا بحث الشخص عن كلمة "انتخابات" فمن البديهي أن يركز جوجل على الانتخابات الأمريكية لأنها الشيء المُتساءل عليه الأكثر اليوم. أما سوء النية فمتواجد أيضا، فوفق الموقع الإلكتروني بيزنس إنسيدر، جوجل قد يتلاعب بنتائج البحث لإخفاء موضوعات مثيرة أو جدلية، كما أنه قد يقف مع مصالح الشركات الكبيرة
خريطة مصر هي مثال على ذلك. أنا لست ملِّمة بعلم الخرائط أو مؤرخة، لكني أبحث عن الحقيقه دائما ومدركة تماما بما نشأت عليه فيما يتعلق بخريطة مصر، وهي الراسخه في مصادر المعلومات المنشورة وفي وجدان المصريين، وبالطبع هي نفس الخريطة الموجودة في الكتب المدرسية التي تتداولها الحكومة المصرية حاليا. هذه الخريطة تبدو واضحة تماما. يتقاطع خط عمودي شبه مستقيم من البحر الأبيض المتوسط متجها جنوبًا ليشتبك مع خط أفقي تمامًا مما يخلق زاوية ٩٠ درجة، ثم يصل هذا الخط الأفقي المستقيم إلى البحر الأحمر في أقصى الشرق. لا جدال أو تساؤل في هذا كله، فهذه هي حدود مصر الغربية والجنوبية
أما اليوم فخرائط مصر المتاحة عبر جوجل تعرض مثلثًا على الحدود الجنوبية الشرقية. هذا المثلث المتعرِّج يدخل تارة مصر ثم يخرج منها وهو مثلث حلايب. وبذلك يختفي الخط المستقيم لحدود مصر جنوب شرقا. والأهم أن الباحث لا يستطيع العثور أو الوصول للخريطة الأصلية لمصر في أي بحث بسهولة. ابحث بقدر المستطاع فلن تجد الخريطة الأصلية إلا بصعوبة بالغة. هل تعرض هذه الخرائط الجديدة بحسن نية؟ هل هي مصدّقة؟ ضع في الاعتبار أن هذه المواقع هي الأكثر شهرة في الخرائط، والباحثون من جميع أنحاء العالم يلجأون إليها للحصول على المعلومات الصحيحة، ويعتبرون البيانات في هذه المواقع صحيحة وثابتة. وبمجرد أن تسيطر مثل هذه الخرائط على محركات البحث وتقدم في أوائل الإجابات سيتناسى الباحثون الخرائط الصحيحة وسيتداولون هذه الخرائط فقط، وتتحول الحقيقة إلى ضباب
لابد أن تتابع مصر هذا الأمر وتطالب محركات البحث، ولاسيما جوجل، بالالتزام بالخريطة المصرية الأصلية. يقع العبء على عاتق هذا الجيل، لذا وجب علينا تصحيح الخطأ قبل ان يصبح واقعا. إذا كانت الخرائط التي تظهر أولاً شيء عرضي وغير مقصود، فيجب على مصر ملء وإشباع محركات البحث بالخريطة الصحيحة واعتقد ان هذا امرا غير معقد وعندئذ ستحتل الخريطة الصحيحة المرتبة الأولى والأعلى في قائمة البحث وتكون أكثر تداولا من الخرائط الخاطئة التي تُتداول حاليا. عندئذٍ ستتصدى مصر بأسلوب عرضي للمشكلة ولكنه يماثل اسلوب جوجل في سرد المعلومات. أما إذا كان وجود هذه الخرائط مقصودا، فيجب الاتصال بجوجل وطلب إزالة الخرائط
يستجيب جوجل لمطالب الباحثين وأيضا الحكومات لإزالة معلومات معينة أو محتوى معين. فكما ورد في جوجل نفسه: قد يطلب منا إزالة محتوى معين أو مراجعته لأسباب عديدة. قد تعتبر الحكومة بعض المحتوى يشهِّر بها أو أنه ينتهك القوانين المحلية للدولة أو يحض على الكراهية أو يتداول محتوى غير ملائم. آنذاك يخصص فريقا لكل طلب وينظر فيما يمكن اعتباره يحض على الكراهية أو الفحش أو التشهير. وفي كثير من الأحيان تستهدف الطلبات الحكومية المحتوى السياسي والنقد الحكومي. كما تستشهد الحكومات بقوانين التشهير والخصوصية وحتى حقوق النشر في محاولاتها لإزالة بعض المحتوى. هنا أيضا يقوم المتخصصون بتقييم كل طلب ومراجعة المحتوى في السياق لتحديد ما إذا كان يجب إزالته بسبب انتهاك القانون المحلي أو سياسات المحتوى الخاصة بنا أم لا
إذن جوجل يتقبل دعاوى إزالة المحتوى الذي يُعتبر خطأ أو غير مصدّق، لذا وجب على مصر أن تقدم دعوة إلى جوجل حتى يتم سحب هذه الخرائط واستبدالها بالخرائط الأصلية
قد يبدو الأمر أنها ليست قضية ملحة وسط مطالب اليوم، لكن تغيُّر حدود مصر أمر خطير للغاية
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.