الاهرام ٢٦ يونيو ٢٠٢١
بقلم عزة رضوان صدقي
على الرغم من المؤشرات التي تعنى الليبرالية وقبول تعدد الثقافات والأجناس التي تجعل من كندا بلدًا عظيمًا، فإن الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية تظهر من حين لآخر لتُدمر عقيدة المساواة التي ينص عليها الدستور الكندي: دون تمييز على أساس الأصل القومي أو العرقي أو اللون أو الدين أو الجنس أو السن أو الإعاقة العقلية أو الجسدية
في لندن بمقاطعة أونتاريو بكندا أدى هجوم عنصري شرس على أسرة مسلمة إلى وفاة ٤ أفراد من عائلة واحده: الجدة والأم والأب والابنة البالغة ١٥ عامًا ثم إصابة الابن البالغ من العمر ٩ سنوات ودخوله المستشفى. في عملية دهس متعمد صعد السائق على الرصيف ليصيب أسرة بأكملها خطؤها الوحيد أنها خرجت في نزهة على الأقدام في المساء. استُهدفوا الضحايا الخمسة لكونهم مسلمين
لقد كان يومًا حزينًا ومشحونا بالغضب، حيث تدفقت التعازي، ليس فقط من المجتمع الكندي المسلم، ولكن من كندا بأكملها. قال رئيس الوزراء الكندي ترودو: "الإسلاموفوبيا حقيقة. لم يكن هذا القتل مصادفة. كان هذا هجومًا إرهابيًا بدافع الكراهية". في هذه الكلمات يوجد بعض العزاء لأن اعتراف رئيس الوزراء بأن الفاعل إرهابي، مع كونه أبيض اللون، هى سابقة مهمة
توافدت الشخصيات البارزة إلى المسجد للعزاء، من بينهم رئيس الوزراء ورؤساء البلديات ورؤساء وزراء المقاطعات وقادة الأحزاب، وخارج المسجد تجمع آلاف الكنديين المسلمين وغير المسلمين تضامناً ووقفوا في صمت وخشوع. لقد كان مشهدًا استثنائيًا ومؤثرًا بثته هيئة الإذاعة الكندية (سي بي سي) بكامله بما في ذلك المقابلات وخطابات المسئولين، والأهم أذيعت الصلاة والأذان، وهي حادثه لا تتكرر كثيرا
على الرغم من كل الجهود والنوايا الحسنة لتقبل جميع الأجناس هناك انقسام عميق بين أولئك الذين يرغبون في قبول الآخرين وبين المتطرفين اليمينيين. تخبرنا الإحصائيات أنه منذ إطلاق النار على مسجد في مدينة كيبيك، عندما قتل مسلح ستة مسلمين في عام ٢٠١٧ ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بشكل ملحوظ بزيادة قدرها ٢٠٧ في المائة عن العام الأسبق. حتى هذا الرقم ليس دقيقًا لأن ما يقرب من ثلثي جرائم الكراهية لا يتم الإبلاغ عنها. تتعرض المسلمات للهجوم والتهديد ونزع حجابهن، ويتعرض المسلمون إناثا وذكورا للإهانات العرقية والتعليقات العدوانية والمضايقات والتهديدات. كما قال ترودو: هذا للأسف ليس حدثًا منعزلاً. يتعرض الكثير من الأشخاص للإهانات والتهديدات والعنف وهم مستهدفون بسبب دينهم الإسلامي. هذا يحدث هنا في كندا ويجب أن يتوقف
في حين أن الغالبية الكندية متسامحة ومعززة للتنوع ومتقبلة للغير يظل البعض رافضا ونافرا للآخرين، والأمثلة على هذا وذاك متواجده بكثرة. مثلا نظمت الكنيسة الإنجليكية بعد الحادثه في لندن أونتاريو مسيرة جمعت مجموعة متنوعة من القادة الدينيين الذين ساروا من موقع الهجوم إلى مسجد لندن الإسلامي وشارك الآلاف في المسيرة. وفي تناقض صارخ ظهرت عدة مقاطع فيديو تدعو إلى المزيد من العمليات المماثلة للدهس الذي أودى بالعائلة المسلمة. أحد مقاطع الفيديو سخر من مجموعة من النساء المسلمات، وآخر قاطع إرسال افتراضى برسائل عنصرية مستفزة
جينيلا أسان سيدة مسلمة جميلة وذكية تقدم برنامجا إخباريا يوميا في أكثر أوقات المتابعة. أسان هي أول مقدمة برامج تليفزيونية ترتدي الحجاب ويتقبلها المشاهدون الكنديون بدون أي تمييز. جاجميت سينج، زعيم الحزب الديمقراطي الجديد في مجلس العموم هو "سيخ" ممارس ويرتدي العمامة ويمارس مهامه بجديه واحتراف. مع ذلك ففي مقاطعة كيبيك تم تمرير قانون ٢١ في عام ٢٠١٩ الذي يحظر على الموظفين العموميين مثل المعلمين وضباط الشرطة والمحامين ارتداء الرموز الدينية: الحجاب، والعمة السيخية، والكيبا اليهودية، أثناء أدائهم واجبهم، والقانون يوصم النساء المسلمات بشكل متعمد. على الرغم من أن القانون واجه انتقادات واسعة باعتباره انتهاكًا للحرية الدينية، إلا أن ٦٤ بالمائة من سكان مقاطعة كيبيك وافقوا عليه
بينما تشعر اللاجئة السورية بالأمان وهي ترتدي الحجاب في وسط مدينة فانكوفر وتعامل المحجبات معاملة مماثلة لغيرهن في الجامعات، ويعيش الطلاب الإيرانيون المسلمون حياة عادية في الجامعات الكندية، إلا أنه في عام ٢٠١٥ رفضت قاضية من كيبيك النظر في قضية امرأة مسلمة ما لم تخلع حجابها. وشبّهت القاضية الحجاب بالقبعة والنظارات الشمسية وهما غير مسموح بهما في المحكمة
هل سينتهي التمييز العنصري بين البشر يوما ما؟ أشك في ذلك. أن يُفضِّل الفرد ثقافته ونمط حياته هو أمر طبيعي، لكن أن يصبح هذا الشأن سببا للكراهية وحقن الدماء هو شيء آخر يؤدي إلى التمييز العنصري والعبودية والاضطهاد والصراعات العنيفة في جميع أنحاء العالم