الاهرام ١٣ نوفمبر ٢٠٢١
بقلم عزة رضوان صدقي
اختيرت مصر لتكون الدولة المضيفة لقمة تغيير المناخ والمعروفة أيضا بـ"كوب ٢٧" لتقام في شرم الشيخ في ٢٠٢٢. قمة تغيير المناخ هي الهيئة المسئولة عن مراقبة وتنفيذ إطار عمل الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المناخ. أعضاؤها الـ١٩٧ يجتمعون لتقييم التقدم الذي طرأ في مقدار خفض الانبعاثات الذي التزم به الأعضاء على أمل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نحو الهدف الطموح ليصبح صفرًا بحلول عام ٢٠٥٠
وُقِّعت أول اتفاقية دولية للمناخ في قمة باريس في ٢٠١٥ حيث التزمت الدول وحكوماتها على العمل للحفاظ على متوسط درجة حرارة أقل من "ارتفاع إلى ٢ درجة مئوية". أقيمت "كوب ٢٦" في جلاسجو بإنجلترا في نوفمبر ٢٠٢١ بعد صيف اشتدت به الحرارة وأعقبتها فيضانات كارثية وحرائق غابات مدمرة. من أهم قرارات "كوب ٢٦" تعهُّد رؤساء الدول بإنهاء إزالة الغابات بحلول ٢٠٣٠، وهو قرار قوي لأن الغابات تمتص ٣٠ في المائة من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بما يحول دون زيادة درجة حرارة الأرض
تأتي قمة المناخ ٢٧ في مصر السنة القادمة، وهي بلا شك فرصة ومسئولية مجتمعية. المسئوليات كثيره بالطبع. على مصر، البلد المضيف للقمة، اتباع البروتوكول الذي وضعته الأمم المتحدة. يشير كتيب الأمم المتحدة "دليل لاستضافة مؤتمرات الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ" إلى جميع الخطوات التي يجب على الدولة المضيفة اتباعها، مستهلًّا بالقول "يجب على البلد المضيف تقدير حجم المسئولية: النجاح يدعو إلى جهد تعاوني منسق على نطاق وطني". يؤكد الكتيب أيضًا على أهمية التخطيط المبكر والعمل بشكل وثيق مع أمانة الأمم المتحدة المعنية بتغيُّر المناخ طوال عملية التخطيط
من المتطلبات المهمة الأخرى في البلد المضيف أن يتم تصنيفه على أنه "دولة آمنة" وأن لديه شبكة متطوِّرة من النقل والطيران والاتصالات وغرف الفنادق على مستويات مختلفة لاستيعاب المشاركين. علاوة على ذلك فإن المرافق الحيوية مثل الأمن والمستشفيات ومراكز التطعيم وما إلى ذلك لابد أن تكون متاحة، وبالطبع جميع هذه المعطيات سيتبعها قادة المؤتمر المصريون بدقة
خلال المؤتمر ستتحدث مصر باسم المنطقة بأكملها على الأخص نيابة عن أفريقيا، ويجب أن تقدم للعالم مدى قيادتها للدول الأفريقية نحو بيئة أفضل. على الرغم من انتهاء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي في عام ٢٠١٩ إلا أنها تواصل التركيز على أفريقيا ومتطلباتها من خلال العديد من المشاريع التنموية من توليد الطاقة الشمسية وإنشاء مزارع نموذجية ومشاريع درء الفيضانات. كما أعلنت مصر عن عزمها تصنيع مليار جرعة سنويًا من لقاح الكورونا "سينوفاك" وإمكانية تزويد أفريقيا بكميات كبيرة من إمدادات اللقاح التي تحتاجها
المسئولية مؤكدة بالطبع لكنها أيضًا فرصة نادرة. إنها فرصة لتنمية مفاهيم تغيُّر المناخ لدى المصريين وتأثيره على مصر وبالتالي على أنفسهم. مع قدوم تغيير المناخ لن يستمر الصيف حارا وجافا والشتاء ممطرا معتدلا، بل سيكون الصيف شديد الحرارة والشتاء متقلبا من شديد البرودة لشديد الحرارة. كما أن موقع مصر الجغرافي يعرِّضها بشدة لخطر تغيُّر المناخ بما في ذلك احتمال ارتفاع منسوب المياه على طول الساحل الشمالي مسببا أضرارا بالغة واحتمال حدوث حالات جفاف مع نقص في الموارد المائية بسبب قلة الأمطار والطقس الحار. كما أنها فرصة حتى يدرك المصريون قيمة المياه وخطورة التعدي على النيل وإلقاء النفايات به، وما يتحمله الجميع من حرق قش الأرز، كذلك يتفهّم كل فرد منا مسئوليته تجاه البيئة، وبالطبع تجاه الأرض والهواء والبحار
كما يقع العبء الجماعي على جميع المصريين لإيضاح سبل تعامل مصر مع تغيُّر المناخ. يجب على مصر أن تظهر للعالم كيف طوَّرت وعزَّزت حملتها وسياساتها المتعلِّقة بتغيُّر المناخ. مشاريع ضخمة جارية لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحماية البحار من التآكل. كما يجري العمل على حملات توعية لترشيد استهلاك المياه وتبطين الترع حتى لا تُهدر المياه واستخدام أنظمة الري الحديثة لتوفير المياه المهدرة. كما يتم بناء مئات الحافلات التي تعمل بالطاقة الكهربائية على أمل تحسين جودة الهواء، وقريبًا ستنتج مصر السيارات الكهربائية (نصر٧٠)، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى ٥٠٠٠٠ سيارة سنويًا. وفي أكتوبر ٢٠٢٠ وافق البنك الدولي على مشروع بقيمة ٢٠٠ مليون دولار لمصر لتحسين جودة الهواء ومكافحة تغيُّر المناخ وتقليل انبعاث ملوثات الهواء والاحتباس الحراري. وجميع المدن الجديدة تعتبر مدنًا ذكية صديقة للبيئة وأكثر خضرة
قد حان الوقت لتتألق مصر بصفتها الدولة المضيفة للدورة السابعة والعشرين لقمة تغيُّر المناخ. في عام ٢٠٢٢ سيراقب العالم مصر مطالبا إياها بالارتقاء إلى هذه المهمة الجليلة
Comments