الاهرام
على الرغم من مزاعم الشمولية التى تتباهى بها شركة ديزنى لأفلام الأطفال حاليا لا يبدو أنها تدرك اختلاف قيم الجمهور الذى يتبعها، فلا توجد ثقافتان متماثلتان، لذا على ديزنى إدراك المعنى الحقيقى وراء الشمولية وعدم فرض المعايير الأمريكية على الجميع
تعرض ديزنى قبلة بين فتاتين فى الفيلم الكارتونى ليبيير أو السنة الكبيسة، وأثارت هذه اللقطة الوجيزة جدلا شديدا وأدت إلى حظر الفيلم فى كثير من الدول
ليست هذه المشكلة الوحيدة التى تعرضت لها شركة ديزنى. فقد ُشرع قانون جديد فى فلوريدا يحظر تعليم الميول والهوية الجنسية للتلاميذ من رياض الأطفال حتى الصف الثالث فى مدارس فلوريدا. أثار القانون استياء مؤيدى حقوق المثليين فاضطرت ديزنى، بعد أن تجاهلت القضية لوقت ما، أن تتراجع عن صمتها وتحدث الرئيس التنفيذى للشركة عن الشمولية وحقوق الجميع. ووعدت الشركة بمواصلة إنتاج أفلام تؤيد التنوع أى تعرض لشخصيات مثلية. وهو أمر يعارضه الكثيرون حتى فى الولايات المتحدة. وعندما سئل المدير التنفيذى لديزنى عما إذا كان الوقت قد حان لجعل الأفلام آمنة للأشخاص فى جميع أنحاء العالم، ولا تمتثل فقط لأقلية معينة. كما وضحت لافتة معلقة فى نافذة إحدى دور السينما فى أوكلاهوما أن مشهد قبلة الفتاتين فى ليبييير سوف يسرع. وذكرت جريدة فى إحدى الولايات أن أحد المخيمات الصيفية قرر إلغاء رحلة للأطفال لمشاهدة الفيلم ذاته لأن الآباء قد رفضوا نفس القبلة
يجب الوقوف قليلا هنا فالأمور ليست بهذا القدر من البساطة. ما لا تدركه ديزنى هو التأثير العالمى لأفلامها والالتزامات المترتبة على هذه العالمية. جمهور ديزنى أكثر تنوعا مما تدرك الشركة. يشاهد هذه الأفلام الأطفال فى روسيا والصين ومصر والسعودية وسنغافورة وبلاد العالم. الحكمة والفطرة السليمة فى هذه البلدان توجب التساؤل عن سبب تعرض الطفل المغربى أو الليبي, على سبيل المثال، إلى معلومات عن الجنس فى المقام الأول ناهيك عن المثلية
الحساسية للأعراف والقيم الاجتماعية هى المفتاح. الثقافات هى المعايير الأساسية لأى بلد ويتم تطبيقها فى عاداتها وفنونها. العرقية وما تقبله أو لا تقبله الثقافات، سواء كانت على صواب أو خطأ، هى نقاط محورية يصعب إنكارها أو تجاهلها. وبالتالى فإن ما تروج له ديزنى لا يتناسب مع مفاهيم كثير من الثقافات
تريد ديزنى تلبية احتياجات الأقليات لكنها تخدم أقلية واحدة وتتجاهل الأغلبية أيضا. هل تمثل ديزنى الأقليات الأصلية أو العرقية أو سكان جنوب شرق آسيا أو المسلمين أو جميع مشاهدى العالم؟ أشك فى ذلك. هل نولِد الخوف من المجهول إذا قلقنا بشأن ما سوف يمتصه أطفالنا إذا شاهدوا فيلًما معينًا خاصة فيلم ديزني؟ ليس بالضرورة، فنحن جميعا نتذكر مشاهد وعبارات من الأفلام التى شاهدناها فى الصغر. بالإضافة إلى ذلك تحاول ديزنى جاهدة توسيع وجودها فى دول العالم والعديد منها مناهض للمثليين. إذا كانت ديزنى تعتزم توفير خدمة البث المباشر بالاشتراكات فى البلدان التى تدين المثلية فعليها الحذر
فى الوقت نفسه يجب على ديزنى إدراك تداعيات هذه الخطوات السلبية. عندما أدانت حرب أوكرانيا أوقفت جميع أعمالها فى روسيا. ولذا من المحتمل أن تلجأ الدول التى تجد شمولية ديزنى مريبة إلى نفس التصرف. دعونا لا نخدع أنفسنا. لقد أصبح العالم صغيرا جدا لدرجة أن أيا كان ما يحدث فى أى عمل درامى سواء كان فيلًما من ديزنى أو نتفلكس أو هوليود بالتأكيد سوف يتردد صداه فى جميع أنحاء العالم. وبالتأكيد سوف تظهر قضايا أخرى مماثلة
تقع مسئولية تربية الأطفال أولا وأخيرا على عاتق الوالدين والمعلمين والأوصياء ومراقبة ما يشاهده الأطفال عن كثب ومراجعة المحتوى مسبقا لتثقيف الأطفال بالطريقة التى يرونها مناسبة. قد يختارون أن يكونوا واقعيين بشكل مفرط ويعرضونهم لأفلام تعرض مشاهد العنف والرعب، أو الخيال العلمى، وقضايا زواج المثليين، والجريمة ورجال العصابات الذين يقتلون بشكل تعسفى. أو قد يختار الوالدان والمعلمون والأوصياء ان يشاهد الاطفال ما يعتقدون أنه أكثر ملاءمة لسنهم. وسيتحمل الآباء وأطفالهم العبء الأكبر لهذه المشاهدات فى كلتا الحالتين
فى النهاية، إنها مناورة أخرى للأقوياء ولكن على الرغم من القول إن ما يريده الأقوياء، يجب على الضعفاء الإصغاء له، فإن الأمر متروك لأولى الأمر لوضع المبادئ والمعايير التوجيهية لتعليم أطفالهم وعدم الوقوع ضحية تحت وطأة نفوذ الأقوياء
Comments