الاهرام
فى نوفمبر الماضى، أعلن الرئيس ترامب نيته الترشح من جديد لمنصب الرئاسة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لسنة ٢٠٢٤. والسؤال الآن هو: ما إذا كان بإمكان الرئيس ترامب استعادة البيت الأبيض وسط العقوبات الهائلة التى تحيط به
جمهوريون آخرون انضموا لسباق الرئاسة. هؤلاء المنافسون هم أقل ما يقلق ترامب، لأنه لا يزال هو المفضل لدى الجمهوريين الأمريكيين، لكن معاركه القانونية هى التى تركته فى مأزق. في30 مارس، تم توجيه الاتهام بتزوير السجلات إلى ترامب، ليتم اعتقاله ومحاكمته فيما يتعلق بـ ٣٤ تهمة جنائية. قال أحد المدعين، كريس كونروى، فى مذكرة الاتهام: المدعى عليه، دونالد ج. ترامب، زوَّر السجلات التجارية فى نيويورك من أجل إخفاء أفعال غير قانونية لتقويض نزاهة الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٦
تعود التهم الموجهة إلى ترامب إلى عام ٢٠١٦، عندما دفع مايكل كوهين المحامى الشخصى السابق لترامب رشوة لممثلة الأفلام الإباحية ستورمى دانيلز حتى لا تنشر علنًا أنها كانت على علاقة بترامب. هذا، فى حد ذاته، ليس هو القضية؛ القضية هى، فى دفع أموال الرشوة، احتال ترامب لكسب الحملة الرئاسية
فى الولايات المتحدة، تُصنف الجرائم الخطيرة مثل القتل والإرهاب على أنها جنايات، بينما تعتبر الجرائم البسيطة مثل سرقة المتاجر والسرقات الصغيرة جنحًا. إن تزوير السجلات يعتبر جنحة، إلا أنه يعتبر جناية إذا تم لإخفاء جرائم أخرى، وفى هذه الحالة، فإنه يشمل انتهاكات لقانون الانتخابات
فورا رد ترامب بنفى المزاعم محافظا على براءته، واتهم المدعين العامين الديمقراطيين بتسيس القضية. ثم طالب أنصاره بالاحتجاج على اعتقاله الوشيك. فى منشور غاضب على مواقع التواصل الاجتماعى قارن فيه الولايات المتحدة ببلاد العالم الثالث، حيث السفاحون اليساريون يقتلون ويحرقون بلا عقاب
ودافع ترامب عن براءته خلال أول ظهور له أمام المحكمة، وأصدر ردًا غاضبًا على لائحة الاتهام. البيان المنشور يقول: هذا هو الاضطهاد السياسى والتدخل فى الانتخابات على أعلى مستوى فى التاريخ. منذ أن نزلت المصعد الذهبى فى برج ترامب، وحتى قبل أن اؤدى اليمين كرئيس للولايات المتحدة، انخرط الديموقراطيون اليساريون الراديكاليون - أعداء الرجال والنساء الكادحين فى هذا البلد – فى مطاردة مرعبة لتدمير حركة: اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى
كما أن شعار احتج، أعد أمتنا، الذى استخدمه ترامب مؤخرا، مشابه فى أسلوبه للطريقة التى حرّض بها أتباعه خلال أعمال الشغب على الكونجرس فى٦ يناير التى لا تزال تسبب لترامب ارتباكا شديدا
إلى جانب ذلك، لا يزال تحقيق وزارة العدل الأمريكية يطارد ترامب لأسباب أخرى - كيف خطط لعكس نتائج فى انتخابات 2020، تقول مجلة نيوزويك إن فريق ترامب حاول تثبيت ناخبين مزيفين فى الهيئة الانتخابية من أجل إعلانه زوراً أنه الفائز فى ساحات المعارك الرئيسية. بالإضافة إلى ذلك، فى وقت سابق تم تغريم شركته ١٫٦ مليون دولار بسبب التهرب الضريبى لسنوات عدة مع تزايد الاتهامات ضده. ولكن ما مدى تأثير قضية الرشوة على حملة ترامب الرئاسية؟ على الرغم من إجراءات ترامب المثيرة للجدل، فإن توقيت التهم يشير إلى نية الديمقراطيين استهداف الخصم الجمهورى. يبدو الأمر كما لو أن النيابة العامة تزيد من تهم الجنح وترقيها عمدًا إلى جنايات
القضية واهية وقد سارع المحللون إلى الاطلاع على الاتهامات الموجهة الى ترامب قائلين: إن لوائح الاتهام تميل إلى تقديم تفاصيل واهية ليس لها أبعاد كافية. تقول الكاتبة نيكول راسل: تزوير السجلات التجارية يعد جنحة، إلا أن على المدعى العام محاولة توجيه الاتهامات إلى ترامب بارتكاب جنايات، حتى إن كانت أدنى مستوى من الجنايات، ثم تقارن أفعال ترامب بما فعله الرؤساء الآخرون، لأنهم قاموا بما هو أسوأ مما يوازى سرقة متجر
من المرجح أن يكون إثبات القضية ضد ترامب أمرا صعبًا، إلا أن صورة ترامب وانطباع تابعيه له لم يُشوَّه بعد. فى الواقع، خدم قرار الاتهام حملة ترامب لاستعادة البيت الأبيض. إنه حصل على دعم سياسى كبير من الدعوى المرفوعة ضده، وأتباعه مصرون على ولائهم. لم تضره الزوبعة ولو قليلاً، بل حسّنت فرصته فى العودة إلى البيت الأبيض
يجب أن يكون الاستعلام الأخير فى هذه القضية هو ما إذا كان ترامب قادرًا على الصمود فى وجه العواصف الشديدة التى تجتاحه والخروج فائزًا. ترامب لديه موهبة فى فعل ذلك تماما؛ ومع ذلك، فإنه يأتى هذه المرة بأعباء أثقل وتحديات أشد يجب على الشعب الأمريكى أن ينتبه إليها.سيتعين علينا الانتظار لنرى النتيجة
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى