الاهرام
السبت 7 من ذي القعدة 1444 هــ 27 مايو 2023 السنة 147 العدد 49845بينما ركّز العالم على الصراع فى السودان أولت وسائل الإعلام الغربية اهتماما مختلفا بالنسبة للأزمة الإنسانية هناك. بدأت وسائل الإعلام الغربية فى تغطي الأزمة بالتركيز على تاريخ النزاعات وسبب اندلاع الصراع هذه المرة. ثم قلة وجود المراسلين الغربيين على أرض الواقع جعل التقارير عن الحرب أشبه بفيلم وثائقى تاريخى أو جغرافى. ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية: «تمتد البلاد على نهر النيل، مما يجعل مصير السودان ذا أهمية وجودية تقريبًا بالنسبة لمصر المتعطشة للمياه، وإلى إثيوبيا غير الساحلية بخططها الطموحة للطاقة الكهرومائية التى تؤثر الآن على تدفق النهر». إن السودان على حدود سبع دول فى المجموع، ولكلٍ منها تحديات أمنية متداخلة مع سياسات الخرطوم. وبعض التقارير غطت تعرض السودان لضغوط بسبب الصراعات القديمة بين الفصائل المتناحرة، ونقص الغذاء الموجود مسبقًا فى البلاد، ووقف إطلاق النار المتعدد الذى لم ينفذ
دور الولايات المتحدة فى الصراع وأقوال الرئيس الأمريكى جو بايدن كانت حيوية للغاية. وركزت وسائل الإعلام على تحذير بايدن من فرض عقوبات على من يهدد سلام وأمن واستقرار السودان، وحين قال إن العنف الذى يحدث فى السودان مأساة وخيانة لمطلب الشعب السودانى الواضح بحكومة مدنية والانتقال إلى الديمقراطية. وكان أيضا الدور الذى تلعبه الولايات المتحدة، للضغط على الأطراف المتحاربة للاجتماع لإنهاء القتال، مهما، وكيف حثت الولايات المتحدة الطرفين على مراعاة مصالح السودان وشعبها والانخراط بفاعلية فى المحادثات الهادفة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع. كان الصراع أيضًا فرصة لوسائل الإعلام الغربية لتسليط الضوء على موقفها ضد خصومها. فناقشت الدور الذى تلعبه مجموعة المرتزقة الروسية فاجنر فى إمداد قوات الدعم السريع السودانية بالصواريخ ضد جيش البلاد. ثم توقع منفذ صوت أمريكا أن روسيا قد تواجه مقاومة محلية بسبب القاعدة البحرية الروسية الموجودة فى السودان
نوهت صحيفة الجارديان البريطانية إلى أن لون البشرة يؤثر على من يسمح لهم بدخول بريطانيا كلاجئين، واتهمت بريطانيا بالعنصرية بعد رفضها منح الفارين من القتال فى السودان طريقًا آمنًا وقانونيًا إلى بريطانيا، فى تناقض صارخ ضد ما قُدِّم للفارين من الحرب الأوكرانية، فقد تم إصدار نحو ثلاثمائة ألف تأشيرة للأوكرانيين للجوء وللإقامة فى بريطانيا، لم يتحدث أى منشور آخر عن هذه القضية
كانت نيويورك تايمز من المصادر الإعلامية الغربية القليلة التى قدمت رؤية كاشفة عن معاناة السودانيين الفارين، فى مقال بعنوان نزوح جماعى بالحافلة من السودان، تم تصوير الساعات المروِّعة التى مرت بها عائلة سودانية. هربت الأسرة من الخرطوم وتوجهت إلى أسوان وربما إلى القاهرة بعد ذلك. يعدُّ هذا المقال من المرات القليلة التى لم تهاجم فيها صحيفة نيويورك تايمز مصر. ونقلت عن مسئولين مصريين قولهم إن آلاف السودانيين عبروا الحدود منذ اندلاع القتال متجهين إلى دولة تشترك فى اللغة وعلاقات تاريخية وثقافية عميقة مع السودان
ثم قالت إن الحكومة المصرية قد خفّفت من ضوابط الحدود على الوافدين السودانيين، مما سمح للنساء والأطفال وكبار السن بالدخول بدون تأشيرة، وأرسلت قطارات وحافلات إضافية إلى أسوان وأن أهل أسوان رحبوا باللاجئين وأوجدوا لهم شققًا وأحضروا لهم طعاما
ومع ذلك، تراجع الصراع فى السودان مع ظهور قصص أخرى فى دائرة الضوء. لأكثر من أسبوع، تجاوز تتويج ملك بريطانيا تشارلز الثالث جميع الاحداث الأخرى. هذا ليس خطأ الإعلام بقدر ما هو خطأ أولئك الذين يفضلون رؤية بريق التتويج على يأس الهاربين السودانيين
كان يجب النظر إلى الصراع من منظور السودان
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.