الاهرام
انتقدت مجموعة من المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الغربية مصر لوضعها أسماء أفراد بعينهم على قوائم الإرهاب، واستنكر البيان الصحفى الذى وُقِّع من قبل ثمانى منظمات غير حكومية إضافة إلى من يعتبرونهم مدافعين عن حقوق الإنسان هذه القوائم. المنظمات التى وقّعت البيان الصحفى توجد فى واشنطن وجنيف وبريطانيا وجمهورية التشيك، وتعمل اثنتان فقط من القاهرة
جاء فى البيان أن المنظمات الحقوقية الموقِّعة أدناه تدين قرار الدائرة الثالثة عشرة لمحكمة جنايات القاهرة إدراج ٨١ مصريًا على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات، من بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيون. لن نتداول الـ ٨١ شخصًا المدرجين فى القائمة بعينهم، ولكننا سوف نُركز على البعض الذى يثيرون الاهتمام، فهم عيِّنة مطابقة للآخرين
أولا البيان استهجن قرار المحكمة لإدانتها أفرادا لم ينفذوا العمل الإرهابى بعد. ولكن أين فى العالم، تنتظر الأجهزة الأمنية ارتكاب جريمة للإدانة إذا توافرت النية المثبتة لارتكاب جريمة؟ ثم يقيِّم البيان إدراج هؤلاء على قوائم الإرهاب بأنه أداة للانتقام، وهى نظرة خاطئة لدوافع كامنة، مثل التحريض على الفوضى أو التآمر ضد مصر
ميدل إيست آى، وهو موقع إخبارى مقره لندن موالٍ للإخوان، حذا حذو المنظمات التى أدانت البيان، وسمّى من هم على القائمة بالصحفيين، وذكر بالاسم عدة صحفيين بارزين من بينهم معتز مطر من قناة الشرق، ومحمد ناصر من قناة مكملين، وحمزة زوبع، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان قائلا إن القرار جزء من جهود أوسع لإسكات وترهيب وسائل الإعلام المعارضة والمعارضين فى مصر. دعنا نفحص صحة هذا الكلام بجدية
يسمون هؤلاء الأشخاص بالصحفيين، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. هم فى جوهرهم عملاء الدعاية الإرهابية. من المعروف أنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المُصنّفة على أنها إرهابية، ويتجاهل الموقع عمداً ما يهدفون صراحةً إلى تحقيقه، ألا وهو سقوط مصر. لا تقل لى هذه مواقع معارضة إذا كان فى جوهرها التشجيع والترويج لقتل المصريين
وفى مقال على قناة العربية، ناقش الصحفى ياسر عبدالعزيز هذه القنوات وأغراضها قائلا: هذه القنوات متهمة بدعم الإرهاب، وكثير من الباحثين والمحللين لا يعتبرونها قنوات إعلامية مناسبة، بسبب محتواها التحريضى والملفق والبغيض. ويقول أيضا لقد شاهدت هذه القنوات وأيقنت أنها لا تقدم محتوى إعلاميًا بقدر ما تقدم انتقادات مستمرة ومؤذية ودعوات للانتفاضات والعصيان وقتل أفراد الجيش والشرطة المصريين وحتى الهجمات الإرهابية
نصل الآن إلى الدافع الحقيقى وراء البيان الصحفى والزوبعة التى كانت تأمل المنظمات فى خلقها، ألا وهو التشكيك فى قيمة الحوار الوطنى الحالى الذى يهدف إلى تعزيز النقاش المفتوح وإنتاج الإصلاح السياسى والاجتماعى والاقتصادى. جاء فى البيان الصحفى أن هذه القائمة الإرهابية تقوِّض كل ادعاءات الحوار والقبول والتواصل التى يدعيها الحوار الوطنى الذى ترعاه الحكومة
محمد ناصر، مذيع قناة مكملين وأحد الصحفيين المضافين إلى قوائم الإرهاب، تنبأ بفشل الحوار الوطنى قائلا إنه وسيله لخداع المصريين. ويقول موقع الميدل إيست: إن إدراج الصحفيين فى القوائم هو جزء من جهود الحكومة المصرية للحد من نطاق النقاش واستبعادهم من الحوار الوطنى. لكن ضياء رشوان منسق الحوار أوضح منذ البداية أن كل الفصائل التى شاركت فى القتل أو التحريض على العنف أو الإرهاب ستُستثنى من الحوار الوطنى، وهو أمر يتفق معه المصريون تمامًا
قد توضح إحدى المقارنات اعوجاج ما تدعو إليه هذه المصادر. إذا كان هناك حوار وطنى حول أمن ورفاهية الولايات المتحدة، فهل من المتوقع أن يشارك فيه أولئك الذين قادوا تمرد ٦ يناير فى واشنطن؟ لقد قام المنتسبون للإخوان بالعديد من الأحداث المدمرة أشد مما تم فى واشنطن، لذا ينبغى ألا يكون لهم الحق فى المشاركة فى الحوار الحالى
هل أخطأت الجماعات الحقوقية فى أوكرانيا والدول الغربية عندما فرضت عقوبات على الروس بعد اندلاع الحرب الأوكرانية؟، لقد تم حظر مئات الموسيقيين والممثلين والرياضيين والشخصيات التليفزيونية، واستُهدفت ثرواتهم لمجرد كونهم روسا. لكن هؤلاء الروس لم يدعوا إلى انهيار أوكرانيا، بل شجب بعضهم الحرب ضد أوكرانيا. ومع ذلك، فقد قبل العالم مثل هذه الإجراءات باعتبارها قانونية وضرورية. عندما تتخذ مصر إجراءات مماثلة ضد أولئك الذين يريدون تدميرها، فإن منظمات حقوق الإنسان تعتبرها أساليب ملتوية
لا يوجد شىء جديد فى كل هذا: البعض يتباهى بغطرسته وجهله بينما يشوِّه الحقيقة دائما وأبدا. لقد اعتدنا هذا الموقف من وسائل الإعلام الغربية، واليوم لا يعنينا أمرها كثيرا
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.