حتى قبل بدء الصيف، ضربت حرائق الغابات جميع المقاطعات العشر فى كندا. من المحتمل جدًا أن تستمر الحرائق طوال فصل الصيف، مما يجعله أسوأ موسم حرائق غابات على الإطلاق، حيث إنه قد أحرق بالفعل مساحة أكبر بمقدار ١٦ مرة من المعتاد خلال موسم واحد. والموسم لم ينته بعد. لندرس هذه الطفرة من الحرائق فى كندا وتداعياتها
فى شهر واحد اشتعلت مئات من الحرائق ومعظمها لا يزال مشتعلا فى جميع أنحاء البلاد، مع خروج الكثير منها عن السيطرة. أكثر من ٤٠ ألف ميل مربع احترقت بالفعل. وفقًا لصحيفة «الجارديان»، كان موسم حرائق الغابات فى ربيع هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق فى كندا، وهو رقم أعلى من مواسم ٢٠١٦ و٢٠١٩ و٢٠٢٠ و٢٠٢٢ مجتمعة. وكان العنوان الرئيسى لشبكة الأخبار الكندية العالمية: كندا تحترق
فى عشرات المجتمعات، طُلِب من الأهالى الإخلاء وتم إنشاء ملاجئ لإيوائهم. فى الأماكن البعيدة نسبيا عن الحرائق، لجأ المواطنون إلى الأقنعة لحماية أنفسهم من الدخان المنبعث، والبعض الآخر - خاصة الضعفاء منهم - احتموا فى منازلهم
من غير المعتاد أن تشتعل حرائق الغابات فى وقت واحد فى شرق وغرب البلاد، لكنها حدثت بالفعل. مع قدوم شهر يونيو، اشتعلت حرائق الغابات فيما يقرب من ٢٤١ كيلومترًا مربعًا فى نوفا سكوشا فى الشرق، و٨٤٠٠ كيلومتر مربع فى ألبرتا فى الغرب، و١٦٠٠ كيلومتر مربع فى كيبيك أيضًا فى الشرق
أما مقاطعة بريتش كولومبيا فى الغرب، فأصبحت حرائق الغابات فى دونى كريك فى شمال شرق المقاطعة هى الأكبر فى تاريخ المقاطعة. صحيح أنها تحترق فى منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة، لكنها قريبة جدًا من طريق ألاسكا السريع، الذى يربط ألاسكا بغرب كندا والولايات المتحدة. يغطى حريق دونى كريك الآن ٥٣٠٠ كيلومتر مربع، حيث فشلت جهود احتوائه. كما يعتقد المسئولون أن حريق دونى كريك قد يستمر إلى الشتاء ليتفاقم مرة أخرى فى الربيع المقبل
لم تتمكن الولايات المتحدة من تجنب عواقب الحرائق، بل طالتها هى الأخرى. وزحفت الرياح الملوثة من المناطق المحترقة على المدن الأمريكية. على بعد آلاف الأميال فى فيلادلفيا وواشنطن فى الولايات المتحدة، وصل مؤشر جودة الهواء إلى ١٠، وهو أعلى مستوى من التلوث
نيويورك، على وجه الخصوص، تضررت بشدة. تعرض سكان نيويورك لمستويات من التلوث أكثر من خمس مرات أعلى من معيار جودة الهواء الطبيعى، وشوهدوا وهم يتجولون بأقنعة لحماية أنفسهم من الدخان البرتقالى الذى اجتاح مدينتهم. هذا بينما كان العنوان الرئيسى لصحيفة نيويورك بوست «كل اللوم على كندا»، بينما قالت بوسطن هيرالد «شكرًا كندا
لماذا كانت حرائق الغابات هذا العام كارثية؟ والأهم من ذلك، هل لتغير المناخ أى علاقة به؟
أخصائيو إدارة الغابات يقولون السبب الأول هو الطقس. تعتبر الحرائق فى كندا روتينية، لكنه كان ربيعًا دافئًا وجافًا بشكل خاص فى معظم أنحاء البلاد وبشكل خاص فى شرق كندا، حيث يقل معدل هطول الأمطار فى الربيع بنسبة ٥٠٪ عن المعتاد. فى غرب كندا، كان شهر مايو الماضى هو الأكثر دفئًا وجفافًا
ومع ذلك، يربط العديد من المصادر الكندية حرائق الغابات بالمناخ. توجد علاقة بين تغير المناخ وشدة حرائق الغابات، لأن الرياح الجافة والحارة تزيد من احتمالية استمرار الحرائق. عزا رئيس الوزراء الكندى، جاستن ترودو، على تويتر، أن المزيد والمزيد من الحرائق قد تحدث بسبب تغير المناخ. سيصبح هذا الاتجاه أكثر شيوعًا فى العديد من المناطق، ليس فقط فى كندا، ولكن فى العالم أجمع
يتحدث عالم البيئة الشهير ديفيد سوزوكى عن العواقب الوخيمة لتغير المناخ، معتبرا حرائق الغابات دعوة للاستيقاظ والانتباه للخطر. يقول سوزوكى إن الآثار البشرية والاقتصادية مذهلة ـ من تدمير الممتلكات إلى مكافحة الحرائق والوقاية إلى فقدان الموارد والنظم البيئية القيمة. مع توسع السكان فى المناطق البرية، تتزايد الأضرار والتكاليف. يتعرض الناس إلى آثار الدخان ـ خاصة الأطفال وكبار السن ـ وتؤدى إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. تقتل حرائق الغابات الآن أكثر من ٣٤٠ ألف شخص سنويًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى استنشاق الدخان
لننتبه إلى أنماط الطقس الحالية باعتبارها إشارات لما قد يصبح المعتاد إذا استمرت الأمور على نفس المسار. مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، ستسود الظواهر الجوية المتطرفة مثل الموجات الحارة والفيضانات المدمرة وسوء الهواء وارتفاع منسوب مياه البحر على سبيل المثال لا الحصر. يجب أن يؤدى كل هذا إلى زيادة الضغط على قادة العالم للعمل بسرعة والاتحاد ضد أخطار تغير المناخ
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.