فى عام ٢٠١٨، عندما أجرى الإعلامى المميز أسامة كمال مقابلة تليفزيونية مع صوفيا، الروبوت التى كانت فى زيارة لمصر، أصيب الجميع بالدهشة والقلق معا. سيكونون أكثر حيرة اليوم إذا أدركوا المدى الذى وصلت إليه صناعة الروبوتات، عبر الذكاء الاصطناعى
يتطور الذكاء الاصطناعى بوتيرة سريعة ليجنى فوائد هائلة، لكنه وفقًا لرواده ينطوى على أخطار وجودية. الذكاء الاصطناعى تقنية رائدة من صنع الإنسان تحاكى الذكاء البشرى عبر آلات مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية. تتناول تطبيقات الذكاء الاصطناعى جميع مجالات الحياة: فى محركات البحث مثل جوجل وتقنية المساعد الشخصى مثل سيرى واليكسا والسيارات الذاتية القيادة واستخدامات الهواتف الذكية والبريد الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى. هذه مجرد أمثلة قليلة على كم التغيير الذى أوجبه الذكاء الاصطناعى لحياتنا
الذكاء الاصطناعى يمكنه كتابة مقالات وعمل إحصائيات وترجمة الأعمال لجميع اللغات ثم بناء آلات متطورة وتحسين أداء الشركات. أمثلة أخرى تكشف مدى وجود الذكاء الاصطناعى فى المجال الطبى،مثلا فى التشخيص المبكر للأمراض وتفادى التأثيرات المحتملة للأدوية الجديدة دون تعريض المرضى للخطر وتحليل الأشعة المقطعية والتصوير بالرنين المغناطيسى التى قد لا يراها إخصائى الأشعة. والذكاء الاصطناعى سمح لرجل مشلول بالسير بربط عقله بعضلاته. كما استخدم العالم الشهير ستيفن هوكينج الذكاء الاصطناعى للتواصل والتحدُّث على الرغم من مرضه العضال
ومع ذلك، فإن مخاوف الذكاء الاصطناعى حقيقية. أولاً، يشعر العمال والموظفون فى جميع أنحاء العالم بالقلق من أن وظائفهم قد تختفى لأن الروبوتات قد تحل محلهم بسبب قدرتها على أداء أى مهمة. تقوم الروبوتات بتنفيذ المهام البشرية بفاعلية فى أى مكان عمل دون الملل أو التعب أو الحاجة إلى فترات راحة. بكل إنصاف، فإن قدراتهم يمكن أن تجعل البشر زيادة عدد
فأهم من ذلك، أن الذكاء الاصطناعى قد يشكل تهديدًا للبشرية، لأن التقنيين فى هذا المجال قلقون من أن تطبيقات الذكاء الاصطناعى قد تتفوق على البشر وتتجاوز صانعيها ودعوا إلى تباطؤ تطوير الذكاء الاصطناعى. قال إيلون ماسك، رئيس تسلا ومالك جوجل إن الذكاء الاصطناعى يمثل أكبر المخاطر على الحضارة. كما غادر العالم جيفرى هينتون شركة جوجل عندما أدرك أن أخطار الذكاء الاصطناعى قد تفوق مزاياه، وحذر إريك شميدت الرئيس التنفيذى السابق لشركة جوجل من أن الذكاء الاصطناعى قد يشكل أخطارًا وجودية
من المحتمل جدًا أن يتفوق الذكاء الاصطناعى فى يوم من الأيام على البشر، وهذا أمر مرعب. نشر باحثون فى جامعة كورنيل ورقة بحثية تسلط الضوء على أمثلة تفوق فيها الذكاء الاصطناعى على البشر. فى أحد الأمثلة، تم تحدى إنسان آلى لكى يمشى دون أن تلمس أقدامه الأرض، وهو إنجاز مستحيل بشريًا بكل المقاييس. والمثير للدهشة أن الروبوت قلب نفسه على ظهره، ثم شرع فى المشى على كيعانه، وأقدامه تطفو فوق رأسه، مما يثبت أن الانسان الآلى يستطيع التفكير ثم التنفيذ بشكل مختلف عن الإنسان
أسئلة كثيرة تنتاب الإنسان: هل نتمادى فى تطوير الذكاء الاصطناعى على الرغم من القلق المصاحب لهذا الأمر؟ وكيف يمكن للعالم أن يداوم فى الاستفادة من الذكاء الاصطناعى دون المخاطرة بأضرار وجودية؟ وهل نستمر فى تطوير عقول غير بشرية قد تفوقنا يوما ما فى الذكاء وتحل محلنا؟ وهل نجازف بفقدان السيطرة على حضارتنا؟
حتى لا تحدث الكوارث غدًا يجب التحكم فى الذكاء الاصطناعى اليوم. يجب أن يتأكد العلماء، من خلال المراقبة والإشراف والقيود والتنظيم من عدم إساءة استخدام التكنولوجيا. إنه السبيل الوحيد للخروج من هذه الكارثة
لمزيد من مقالات عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.