الاهرام
أصبح المصريون يتوقعون الكثير من رئيس الدولة، ولن يقبلوا بأقل مما قد عاصروه فى السنوات التسع الماضية.سوف تجرى انتخابات رئاسية على مدى ثلاثة أيام فى الفترة من ١٠ إلى ١٢ ديسمبر وتجرى جول إعادة من ٨ إلى ١٠ يناير إذا لم يحصل أى مرشح على أكثر من ٥٠ بالمائة من الأصوات. وقالت هيئة الانتخابات إنه من المتوقع إعلان نتائج الانتخابات فى ١٨ ديسمبر، وفى حالة إجراء جولة إعادة، سيتم إعلان النتائج النهائية فى ١٦ يناير على أبعد تقدير
وبالفعل قد أعلن العديد من السياسيين نيتهم الترشح، وها قد أعلن الرئيس السيسى ترشحه أيضا.يعد عدد المرشحين تغييرًا عن الانتخابات الرئاسية السابقة، وستتغير هذه الأعداد بشكل ملحوظ مع مرور الوقت: سينسحب البعض إذا لم يتمكنوا من تأمين التوكيلات الدستورية أو إذا افترضوا أن احتمالات فوزهم محدودة، بينما سيبقى آخرون ثابتين فى نياتهم
جميع المرشحين يأملون فى الفوز بالرئاسة، لكن هل لديهم ما يلزم لرئاسة مصر؟ لا نتحدث هنا عن متطلبات دستورية، لكننا نعدد الكفاءات والصفات الأساسية للمرشح. لقد عاصر المصريون رئيسا كفؤا ومخلصا وحازما، ولن يقبلوا بأقل من ذلك
يجب على المرشحين للمنصب أن يدركوا ما تنتظره مصر منهم. إن الرئيس لابد أن يتمتع بقدرات متميزة: فلابد أن يكون متعاطفاً، ومرناً، وصاحب رؤية، ومخلصاً، ومثابراً، ومجتهداً. والأهم من ذلك أن تكون مصر نصب عينيه قبل طموحاته وصورته الشخصية. كما ينبغى أن يكون قادراً على التعامل مع الضغوط الحالية الناجمة عن التحديات الاقتصادية الخطيرة التى تواجه مصر: انخفاض قيمة الجنيه المصرى، والحاجة إلى إعادة جدولة أقساط القروض وتأثير كل هذا على المصريين إلى أن تتجاوز مصر الصعاب. من المرشح الذى لديه هذه المواصفات وقادر على العمل تحت هذه الضغوط؟
يجب على الرئيس القادم أن يعمل بمثابرة شديدة للتخفيف من معاناة المصريين. يجب أن يظلوا محور تركيزه ويكون هدفه تحسين حياتهم من خلال تحسين البنية التحتية - بما فى ذلك الكهرباء والصرف الصحى والمياه – والرعاية العلاجية والإسكان وغير ذلك. من الإنجازات التى استفاد منها المصريون مؤخرا آلاف الوحدات السكنية لمحدودى الدخل والخطة الطموح لتحسين شبكة الطرق والقضاء على فيروس سى
إن العمل الجاد الفعال أمر محورى بالنسبة للرئيس القادم
فى مواجهة الشئون الخارجية والمواجهات الجيوسياسية، يتعين على الرئيس التصرف بحكمة ودبلوماسية. وفقًا للبعض كان ينبغى التعامل مع أزمة سد النهضة عسكريًا، لكن هذا الاتجاه كان سيدخل مص متاهات قاتمة
وعلى رئيس مصر أن يبنى لنفسه اسما فى العالم من خلال أفعاله وقراراته حتى يتعين على الآخرين أن يؤمنوا بأنه جدير بهذه الثقة. تعد استضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين أحد الأمثلة على كيفية حصول الرئيس السيسى على احترام القادة والدول الأجنبية. ويعد الاستعداد لدعم الدول العربية التى تحتاج إلى دعم مصر مثالاً آخر. ثم، عندما ضرب الزلزال تركيا وسوريا، تم تجاهل العداء، وعندما اندلعت الحرب الأهلية فى السودان، استقبلت مصر السودانيين بأذرع مفتوحة، وعندما دُمرت درنة فى ليبيا، تدفقت المساعدات الإنسانية المصرية على المدينة.س
الرئيس يجب أيضًا أن يكون متحفظا ومهذبا ولا يثير الغضب والإساءة. لقد كان للمصريين رؤساء يسمون الأعداء بالاسم، ويسبونهم. لكن الرئيس السيسى لم يستهن قط بأى شخص، حتى ولو كان ألد الأعداء
يجب على الرئيس أن يكون شرساً فى مواجهة أولئك الذين يريدون القضاء على مصر. تقول بى بى سى إن الرئيس السيسى يحكم بقبضة من حديد غير مدركة مدى كراهية الأعداء لمصر. يمكن أن يحدث الكثير إذا صُدِّقت الشائعات والمعلومات المضللة، أو عُرقلت المظاهرات السلمية. يتوقع المصريون أن يكون رئيسهم تقياً، ولكنه منفتح ومتقبل للآخرين. الرئيس السيسى يعامل الجميع الغنى والفقير والمسلم والمسيحى وكبار الشخصيات وأسر الجنود الشهداء والمعاقين جسديًا بنفس الاحترام والإخلاص
سيواجه الرئيس المنتخب حديثا تحديات غير متوقعة من شأنها أن تضعف الجهود التى يبذلها. يجب عليه أن يكون صامداً فى مواجهة هذه الصعوبات. وبقدر ما خطّط للتحسين، فإن التحديات غير المتوقعة ستوقف التقدم: جائحة تدوم سنوات، وحرب ترفع الأسعار بشدة، وزيادة فى عدد السكان تصل إلى ٢.٥مليون نسمة سنويا، وإرهابيون ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض، وحروب على الحدود
والآن، من المرشح الذى يمتلك ما يلزم ليصبح رئيس مصر؟
سأترك هذا الأمر لكم
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.