منذ هجوم ٧ أكتوبر الماضى شن بنيامين نيتانياهو حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، فهل يدرك تداعيات أفعاله وإلى أين ستصل به شخصيا؟ يقاتل نيتانياهو من أجل بقائه فى السلطة، لذلك يخطط لتمديد الحرب عدة أشهر أخرى يمكنه من خلالها تأجيل قدره المحتوم. سوف يفعل كل ما بإمكانه للتمسك بزمام الأمور لتجنب الحساب بشأن ٧ أكتوبر، لكن عليه فى مرحلة ما أن يتقبل المسئولية وعندها لن يكون الحكم لصالحه.
حتى قبل ٧ أكتوبر كان نيتانياهو قد فقد الكثير من مكانته لدى الإسرائيليين. لقد كان متورطًا فى محاكمة فساد، وتم توجيه التهم إليه رسميًا فى ٢٠١٩، مما أجبره على التنحى عن منصبه. وفى عام ٢٠٢٢، عاد إلى السلطة فى ائتلاف مع الحزب الصهيونى اليمينى المتطرف لتشكيل الحكومة الأكثر محافظة دينياً
بعد هجوم حماس لم يتمكن نيتانياهو من مواجهة شعبه. استغرق الأمر ٢١ يومًا حتى استجمع شجاعته وواجه الاسرائيليين. آنذاك لم يعتذر نيتانياهو وعندما سأله الصحفيون عما إذا كان مسئولاً، كان رده أنه سيناقش هذه الشئون بعد انتهاء الحرب
تشير التقديرات إلى أن حماس تتكون من ٣٠ ألف مقاتل. تضم إسرائيل أكثر من ٦٠٠ ألف جندى فى قوتها مع الاحتياطية. من المعروف أن إسرائيل هى أكثر الدول تسليحًا فى الشرق الأوسط. ومع ذلك، وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر، لم تتمكن هذه القوة العسكرية الجبارة من هزيمة حماس، التى لا تملك إلا صواريخ بدائية الصنع وآليات سوفيتية قديمة. الإسرائيليون يحمِّلون نيتانياهو وقواته مسئولية هذا الإخفاق
لقد أدرك الإسرائيليون ألا نيتانياهو ولا الجيش الإسرائيلى يخدمونهم بشكل جيد. فلم يتم بعد إطلاق سراح الرهائن المتبقين، ولا تزال البلدات الإسرائيلية تتعرض للقصف. واستهدف الجيش الإسرائيلى المدنيين الفارين من حماس وقتل العديد منهم. كما قُتل عن طريق الخطأ ثلاث رهائن كانوا يحاولون الفرار وهم يلوِّحون بالأعلام البيضاء. كما تكلفت إسرائيل أعباء اقتصادية باهظة بسبب الحرب وستقل الإيرادات الحكومية، خاصة الدخل الضريبى بسبب تباطؤ الاقتصاد وتوقف الإنتاج خلال نفس الفترة. واليوم يقف العالم إلى جانب الفلسطينيين كما لم يحدث من قبل. والنتيجة تظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين مطالبين باستقالة نيتانياهو
بينما يبدأ العالم ببطء، ولكن بثبات، فى الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، فإن مكانة إسرائيل تهتز. أدانت دولة تلو الأخرى الإبادة الجماعية الإسرائيلية فى غزة واحتج الآلاف على استراتيجية إسرائيل داعين إلى وقف إطلاق النار
ماذا سيأتى بعد انتهاء الحرب؟ تدعو الولايات المتحدة إلى حل الدولتين. ومع عودة وزير الخارجية إلى الشرق الأوسط للمرة الرابعة، تريد الولايات المتحدة بعض التنازلات من إسرائيل لتجنب الغضب العالمى المتصاعد وقمع الصراع الأوسع فى المنطقة
نيتانياهو وحكومته يتحدون علانية مثل هذا الاقتراح. ورفض نيتانياهو حل الدولتين الذى تدعو إليه الولايات المتحدة، وأصر على أن إسرائيل يجب أن تستمر فى السيطرة على غزة بعد الحرب. متجاهلاً دعم الولايات المتحدة الثابت والمستدام، صعّد وزير الأمن القومى الإسرائيلى، إيتمار بن غفير، من انتقاده لوجهة نظر الولايات المتحدة بقوله: «مع كل الاحترام، نحن لسنا نجماً آخر فى العلم الأمريكى، متجاهلاً إدانة وزارة الخارجية الأمريكية لحثه الفلسطينيين فى غزة على النزوح خارج القطاع.
لقد وقفت إدارة بايدن إلى جانب إسرائيل ودعمتها بقوة، ومع ذلك يعارض نيتانياهو وإسرائيل ما تدعو إليه الولايات المتحدة. هذا الصدع لم يتخيله أحد من قبل. حتى الصحافة الغربية الدائمة فى تأييدها لإسرائيل وتجاهل حق الفلسطينيين، تحالفت ضد نيتانياهو وقالت «بنيامين نيتانياهو يتحدى الولايات المتحدة علناً، وهم يريدون رحيله» و«يجب على نيتانياهو أن يستقيل. ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد فى ذلك» و«نيتانياهو هو أسوأ عدو لإسرائيل. لماذا لا يواجهه الحلفاء الغربيون»؟.
بإمكان نيتانياهو تأجيل العقاب لكن بمجرد انتهاء الحرب، سيكون هذا هو وقت الثأر. اللوم يقع على أكتاف نيتانياهو وستكبده هذه الحرب خسارة رئاسته
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments
You can follow this conversation by subscribing to the comment feed for this post.