الاهرام
مواجهة رئاسية أمريكية محورية
تقرر بعد مناقشات عدة أن يلتقى الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالى كامالا هاريس فى فيلادلفيا، وهى ولاية متأرجحة رئيسية، فى 10 سبتمبر، بينما يتوقع أن تكون المناظرة الوحيدة بين المرشحين. وكانت هذه أيضًا المرة الأولى التى التقى فيها هاريس وترامب وجها لوجه. تعلمنا أن المناظرات بإمكانها أن تغير مسار السباق الرئاسى، وأن كل كلمة وتعبير وجه لهما أهميتهما. لكنى لا أعتقد أن المناظرة هذه ستغير رأى الناخبين الذين اتخذوا قرارهم بالفعل، لكنها فرصة استثنائية لإقناع المترددين. ومن ثم، استعد كلا المرشحين بجدية لتلك المناظرة. كان على هاريس تعريف نفسها للناخبين وأن تكون مستعدة لأن تشرح ما ستفعله إذا تم انتخابها سواء كان ذلك على المستوى المحلى، فيما يتعلق بأمن الحدود، والهجرة، والاقتصاد، والتضخم، أو على المستوى الدولى أيضًا. سوف تخسر الكثير إذا لم تتمكن من الأداء الجيد وسوف تفوز بالكثير إذا حققت أهدافها
كان على ترامب الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالاقتصاد والسيطرة على الأسلحة وحقوق الإجهاض. وخرج ترامب فائزا بعد المناظرة السابقة مع بايدن، لكنه يسعى لاستعادة مكانته بعد أن أدى دخول هاريس إلى السباق إلى محو تقدمه. بالإضافة إلى أنه سيتعين على ترامب اتباع أخلاقيات المناظرة وعدم تجاوز الحدود إلى الازدراء. هاريس امرأة وغير بيضاء، وأى تلاعب فى هذين الشأنين سوف يعوق فرصه فى الفوز بالمناظرة
ثم جاء يوم المناظرة وتابعها 57 مليون مشاهد. توجهت هاريس إلى منصة ترامب، وقدمت نفسها وصافحت ترامب. فوجئ ترامب قليلا لأن كل ما تمتم به كان غير مسموع
طوال المناظرة، تم كتم صوت الميكروفونات للحد من قدرة الخصم على المقاطعة. التزم كلٌ من ترامب وهاريس بالقواعد، ولم ينتقدا بعضهما البعض إلا من خلال تعبيرات الوجه والابتسامات الساخرة. أبدت هاريس ملاحظة مرة واحدة فقط، فوبخها ترامب على الفور: انتظرى لحظة، أنا أتحدث الآن. كان المشرفان على المناظرة واسعى المعرفة وحافظا على النظام وطرحا أيضًا أسئلة صعبة، متزامنة مع ما يريد المشاهدون معرفته. لكنهما تحققا من تصريحات ترامب المضللة ولم يتحققا من صحة تصريحات هاريس، رغم أنها أدلت ببعض التصريحات الخاطئة
ورغم أن هاريس تجنبت الرد على سؤال ما إذا كان الأمريكيون أفضل حالا اليوم مما كانوا عليه خلال رئاسة ترامب، فإنها قدمت رؤيتها بشأن السياسة الاقتصادية واسترداد الضرائب لأصحاب الأعمال الصغيرة ودعم الطبقة المتوسطة والأسر الشابة بإعفاءات ضريبية
نادرا ما نظر ترامب إلى هاريس، لكنه فضل النظر إلى الأمام مباشرة. الأهم أنه كان فى موقف دفاعى،حيث تحولت معظم ردوده إلى دحض اتهامات هاريس، لذا بدلا من التحدث عن خططه ورؤيته، حاول فقط حماية نفسه من اتهاماتها
فى الواقع، لقد خدعت هاريس ترامب، وقد وقع فى فخها. تحدث ترامب عن الانسحاب الأمريكى الكارثى من أفغانستان خلال إدارة بايدن، لكن هاريس حولت الهجوم عليه من خلال الإشارة إلى دعوته الطالبان إلى البيت الأبيض. تحدث عن التضخم وكيف ارتفعت الأسعار بشكل كبير، لكنه لم يتحدث عن كيفية معالجة هذه القضايا. وتحدث ترامب عن استعادة مجد الماضى؛ لكن ركزت هاريس على المستقبل قائلة: "ما أقدمه هو جيل جديد من القيادة، مشيرة إلى فارق السن بينهما". ورغم أن هاريس قالت إن الصراع فى غزة بدأ فى 7 أكتوبر، لكنها تعهدت أولا بمواصلة دعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ثم وقف إطلاق النار، وعودة الرهائن، وحل الدولتين. عندئذ ادعى ترامب أن هاريس تكره إسرائيل والعرب، دون أن يوضح كيف سينهى الصراع
لجأ الاثنان الى التضليل، حتى وإن كان تضليل ترامب مكثفا، فتحدث عن أن المهاجرين يأكلون الحيوانات الأليفة قائلا: فى سبرينجفيلد، المهاجرون يأكلون الحيوانات الأليفة. هذا ما يحدث فى بلدنا
أما هاريس فقالت إن ترامب ترك لنا أسوأ بطالة منذ الكساد الكبير. صحيح أن البطالة ارتفعت بسبب الوباء فى عام 2020 عندما كان ترامب فى منصبه، لكنها انخفضت بحلول نهاية العام إلي 6.4%، وهو لا يمثل كسادا كبيرا. شبكة سى إن إن خرجت بالنتائج: يعتقد 63% من مشاهدى المناظرة أن هاريس فازت بالمناظرة، لكن ترامب قال: اعتقدت أن هذه كانت أفضل مناظرة لى على الإطلاق، خاصة أنها كانت ثلاثة مقابل واحد، معتقدًا أن المشرفين تعاونا مع هاريس
مع ذلك، فإن الغالبية العظمى من الذين شاهدوا المناظرة قالوا إن المناظرة لم تؤثر على اختيارهم الأصلى لمن سيصوِّتون له. هذا يتركنا أمام سباق متقارب للغاية لن يتم حسمه قبل نوفمبر
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments