الاهرام
تأثير الصوت العربى فى الانتخابات الأمريكية
يقيم فى الولايات المتحدة ما يقرب من 3.7 مليون أمريكى من أصل عربى. ورغم أنهم يشكلون نسبة قليلة من الأمريكيين، فإنهم يتجمعون فى الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان وجورجيا، وقد يؤثرون على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2024. واليوم قد يسعى كلا المرشحين الرئاسيين إلى جذب أصوات الأقلية العربية، لكن هل فات الأوان؟
يقيم أكثر من 200 ألف عربى أمريكى فى ميشيجان، وهى الولاية المتأرجحة الرئيسية التى فاز فيها بايدن بـ 154 ألف صوت إضافى فقط فى عام 2020. عادة، يحصل الديمقراطيون على أفضلية بنسبة 2 إلى 1 على الجمهوريين بين الأمريكيين العرب خلال الانتخابات الرئاسية. لكن هذه الأرقام لن تتكرر فى هذه الانتخابات، والسبب واضح: يشعر العرب الأمريكيون بالإحباط بسبب النهج الذى اتبعه كل من بايدن وهاريس فى الحرب على غزة ولبنان والتى أدت إلى تغيير جذرى فى الدعم العربى الأمريكى التاريخى للمرشحين الديمقراطيين
إن الحرب الحالية سوف تلعب دورا بالغ الأهمية فى الانتخابات المقبلة. تقول وثيقة استطلاع للرأى أجراها موقع الهِل، أحد أهم المواقع السياسية الأمريكية: «خلال ثلاثين عاما من استطلاع آراء الناخبين العرب الأمريكيين، لم نشهد أى شيء مثل الدور الذى تلعبه الحرب على غزة على سلوك الناخبين»
وبعد الهجوم الإسرائيلى تضاءل الدعم العربى الأمريكى لبايدن، وأدلى العديد من الناخبين العرب خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى بأصواتهم على أنهم «غير ملتزمين» بدلا من دعم بايدن، مما أدى إلى إنشاء الحركة الوطنية «غير الملتزمة». وصوَّت ما لا يقل عن 100 ألف ديمقراطى مسجل فى ميشيجان غير ملتزمين
استعادت هاريس بعض الدعم، لكن الأرقام المؤيدة للديمقراطيين ليست قريبة على الإطلاق مما كانت عليه خلال انتخابات عام 2020. خلال المؤتمر الوطنى الديمقراطى، لم يُمنح أمريكى من أصل فلسطينى فرصة للتحدث، مما أثار غضب الأمريكيين العرب. ولو كان الديمقراطيون أتاحوا هذه الفرصة، لكان عدد العرب المؤيدين للديمقراطيين مختلفا اليوم
قد يفكر بعض الأمريكيين العرب فى التصويت لصالح ترامب لكيلا يصوتوا لهاريس، لكنهم لم ينسوا أن ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وحظر الهجرة من عدة دول إسلامية. وفى المناظرة مع بايدن، قال إن بايدن يجب أن يسمح لإسرائيل بـ«إنهاء المهمة»، وأكملها بعبارات افترائية، إنه لا يريد أن يفعل ذلك. لقد أصبح مثل الفلسطينى
ولهذه الاسباب، فإن نسبة مشاركة العرب الأمريكيين قد تكون أقل هذه المرة، وهو ما سيؤثر بشكل رئيسى على الديمقراطيين
خلال الأشهر الماضية، كان استرضاء اللوبى الإسرائيلى الذى قدم المليارات للمشرِّعين الجمهوريين والديمقراطيين الأهم، ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات، اشتدت حدة السباق لاجتذاب الناخبين الذين سوف يدلون بأصواتهم
إذن، كيف يمكن للمرشحين الرئاسيين أن يستحوذا على تأييد العرب الأمريكيين قبل بضعة أسابيع فقط من الانتخابات؟ عيّنت هاريس مديرة توعية عربية أمريكية، هى بريندا عبدالعال، وهى مصرية أمريكية، للإشراف على الجهود المبذولة لكسب الدعم بين الناخبين العرب الأمريكيين، لكن لم تُحدِث عبدالعال أى تغيير فى مشاعر الناخبين العرب ضد الديمقراطيين. كما تغيرت لهجة الديمقراطيين إلى حد ما، ولكن ليس بما فيه الكفاية. فقال تيم فالز نائب هاريس لأنصاره العرب: «قلوبنا مكسورة» بسبب ما يحدث فى غزة، وحجم الموت والدمار فى غزة مذهل ومدمر
وتعرض حملة ترامب إعلانات فى ميشيجان مثلا تخبر الناخبين العرب بأن هاريس لا تهتم بهم. وتزوجت تيفانى ابنة ترامب قبل عامين من مايكل بولس، نجل رجل الأعمال اللبنانى مسعد بولس. ويستخدم بولس علاقاته فى الجالية العربية الأمريكية لإقناع أعضائها بأن ترامب هو الخيار الأفضل، لكن لا توجد أدلة جوهرية لذلك
وقد يعنى هذا أن أيا من المرشحين لن يحصل على الأصوات العربية، وقد يختار العرب الأمريكيون مرشحا مثل مرشحة الحزب الأخضر الدكتورة جيل ستاين وهى تتقدم مع الناخبين العرب فى ثلاث ولايات متأرجحة
ما قد يغير التوازن سيكون تعهد المرشح بالقيام بعمل استثنائى إذا تُوِّج: الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، أو التهديد بحجب الأسلحة عن إسرائيل، أو الدعوة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأخيرا هددت حكومة بايدن بقطع مساعداتها العسكرية لإسرائيل إذا لم يتحسن الوضع الإنسانى فى غزة، وهى خطوة من شأنها تحويل التوازن لصالح هاريس لكن هل تأخر الوقت؟
خلاصة القول، إن العرب الأمريكيين يعتقدون أن كلا المرشحين غير مؤهل لنيل ثقة الناخبين العرب، بسبب الإحباط والقلق الناتج عن الحرب، ويجد الناخبون العرب أنفسهم أمام مرشح ثالث أو لا للتصويت على الإطلاق
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى