الاهرام
مقترحات ترامب إلى أين؟
حتى قبل تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة فى 20 يناير، تحدث الرئيس المنتخب ترامب عن الاستحواذ على جرينلاند وقناة بنما وجعل كندا الولاية رقم 51 ومقترحات غريبة أخرى. عزّز تأمين السباق الرئاسى من عزيمة ترامب، وجعله يسعى جاهدا لتحقيق العديد من الاستحواذات، البعض منها عجيب ومستفز، فهل ترامب عازم على التصرف بناء على هذه الاستحواذات، أم أنها مجرد تكتيكات لجذب الانتباه؟
اقترح ترامب تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا فسخرت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم منه واقترحت إعادة الاسم التاريخى «أمريكا ميكسيكانا» على أمريكا الشمالية. لكن امر ترامب إدارته بتغيير اسم الخليج لكنى اشك فى ان العالم سوف يلتزم بالتغيير حتى وكالات الانباء رفضت الالتزام به
وقد أكد الرئيس المنتخب ترامب أن «الجحيم سوف يندلع» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بحلول حفل تنصيبه. ولو أنه قال إنه سيتم التوصل إلى «اتفاق وقف إطلاق النار» بحلول الموعد المحدد، لكان ذلك مقبولا لأن التهديد سيكون متوازنا بين إسرائيل وحماس. سواء كانت صياغة غير متوازنة أم لا، فقد تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل خمسة أيام فقط من تنصيب ترامب. توقيت الاتفاق ذو دلالات كثيرة حتى وان كان هشا وصموده امام المطامع الاسرائيلية غير محتمل.
ومع ذلك، فإن مقترحات ترامب للاستحواذ على قناة بنما وجرينلاند، وضم كندا باعتبارها الولاية الحادية والخمسين، تكشف عن استراتيجية استيلاء وتوسع أمريكى من شأنها أن تثير استعداء الأطراف الثلاثة المعنية وتثير غضب العالم بأسره. وزعم ترامب أن قناة بنما «تم بناؤها من أجل جيشنا». وقال أيضًا إن الرئيس الراحل كارتر أخطأ عندما أعاد سيطرة القناة الى أهلها: «لقد كان شخصًا جيدًا جدًا، لكن ذلك كان خطأً كبيرًا...لقد كلفنا ذلك ما يعادل تريليون دولار
كان رد فعل بنما كما هو متوقع. وقال وزير خارجية بنما، خافيير مارتينيز-آشا، إن «السيادة على قناتنا غير قابلة للتفاوض. إن الأيدى الوحيدة التى تسيطر على القناة هى الأيدى البنمية وستظل كذلك». لكن ترامب قال إنه لا يستبعد ضم قناة بنما بالقوة، وهى إساءة جامحة على دولة صديقة وتهديد لا يرقى إلى مستوى دولة مثل الولايات المتحدة
جرينلاند منطقة تتمتع بالحكم الذاتى تابعة لمملكة الدنمارك. خرج الرئيس ترامب باقتراح شراء جرينلاند. ووفقا له، ينبغى للدنمارك أن تتخلى عن جرينلاند من أجل «حماية العالم الحر»، وأضاف: «نحن بحاجة إلى جرينلاند لأغراض الأمن القومى»، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا يتخلى الآخرون عن أصولهم من أجل الأمن القومى الأمريكى؟ وإذا لم تمتثل الدنمارك، فإن خطة ترامب تتمثل فى فرض تعريفة جمركية مرتفعة على الدنمارك. والأهم من ذلك أنه عندما سُئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية لتحقيق هدفه، رفض استبعاد ذلك. جاء ذلك بينما طار دونالد ترامب الابن إلى جرينلاند وسط استفزازات ترامب الأب، رغم أنه أخبر الصحفيين الذين كانوا ينتظرونه فى المطار أنه يزور جرينلاند كسائح
رفضت الدنمارك دعوة ترامب للاستحواذ على جرينلاند. وقال الدنماركيون إن جرينلاند جزء من الدنمارك، وأن هذه القضية غير قابلة للنقاش. وحتى رئيس وزراء جرينلاند، ميوت بى إيجيدى، رفض دعوات ترامب. وأضاف: «جرينلاند ملك لشعب جرينلاند. مستقبلنا وكفاحنا من أجل الاستقلال هو من شأننا
والآن نأتى إلى كندا. تعد الحدود بين البلدين الأطول فى العالم وقد تم إنشاؤها فى معاهدات يعود تاريخها إلى تأسيس الولايات المتحدة فى أواخر القرن الثامن عشر. اقترح ترامب أن تصبح كندا الولاية رقم 51. وكرر الفكرة عدة مرات ونشر خرائط على وسائل التواصل الاجتماعى تظهر كندا كجزء من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه قال إنه لن يستخدم القوة العسكرية لضم كندا، فإنه هدد باستخدام الضغط الاقتصادى لإجبار كندا على الامتثال؛ ويعتقد أنه من خلال تقليص شراء المنتجات الكندية، ستستسلم كندا لمطالبه
رد رئيس الوزراء جاستن ترودو على تصريحات ترامب وكتب «ليس هناك أدنى فرصة لأن تصبح كندا جزءًا من الولايات المتحدة». وقدم جان كريتيان، رئيس الوزراء الكندى السابق، نصيحة واقعية لترامب: «عالج رأسك». وقال أيضًا إن تصريحات ترامب ترقى إلى مستوى «إهانات وتهديدات غير مسبوقة
مقترحات ترامب سوف تضعه فى موقف عدائى مع الأصدقاء والأعداء على حد سواء. إن التوسعات الإقليمية لن تجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، بل ستحولها إلى معتد استعمارى
لقد أبدع ترامب ولا ندرى إلى أى مدى سيذهب فى تنفيذ تهديداته واقتراحاته الهجومية
لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى
Comments